جديد

رواية المطارد بقلم امل نصر كاملة

رواية المطارد الفصل الاخير رواية المطارد امل نصر الجزء الخامس رواية المطارد الفصل السادس رواية المطارد الفصل الأول رواية المطارد صالح ويمني رواية المطارد الفصل الرابع رواية المطارد امل نصر واتباد رواية المطارد الجزء الثاني رواية المطارد الفصل السابع رواية المطارد امل نصر الجزء الثالث رواية المطارد pdf رواية المطارد الفصل العاشر رواية المطارد pdf روايات امل نصر واتباد رواية المطارد الفصل السابع رواية المطارد صالح ويمني رواية المطارد الفصل الاخير رواية المطارد بقلم امل نصر الفصل الثامن رواية المطارد امل نصر الجزء الثالث رواية المطارد أمل نصر الجزء الرابع رواية المطارد امل نصر الجزء الثاني رواية المطارد بقلم امل نصر كاملة رواية المطارد امل نصر الجزء الخامس رواية المطارد امل نصر الجزء الأول رواية المطارد بقلم امل نصر كاملة




رواية المطارد الجزء الاول بقلم أمل نصر

في بلدة صغيرة في أقصى الصعيد وقريبة من الجبل و ليلة شتاء باردة لدرجة الصقيع ملبدة بالغيوم الكثيفة وموحشة بهذه الأصوات الصادرة من الذئاب الجائعة والباحثة عن طعامها فتجعل من سكان القرية بعد صلاة العشاء مباشرة أسرى منازلهم كما تخلو شوارع القرية تقريبا من المشاه إلا ممن خرج مضطرا.. ملتزمين بحصن منازلهم مهما كانت ضعيفة متهالكة وقديمة أو مصنوعة من الطوب الأخضر ولكن يكفي الدفء الأسري فيها والأمان رغم انه هو الاخر اصبح مهددا بفعل مجموعات من البشر استحلت الحړام وهددت أمن الأمنين!

وهنا في منزل سالم أبو محمد الطيني والمكون من طابقين مثل بقية المنازل في القرية وبداخل غرفتها كانت جالسة على طاولة قديمة صغيرة أعدتها كمكتب لإستذكار دروسها فتاة نحيفة.. عاقدة شعرها الحريري الأسود فوق رأسها وناظرة بعيونها التي تشبه القهوة في اللون إلى الفراغ شاردة فيما شغل عقلها وحيره هذه الأيام يدها تمسك بالقلم تتحرك وترسم دون إرادتها هذه الأعين المجهولة التي تطاردها في صحوها ومنامها بشكل متكرر بدرجة ارعبتها.

لاتدري لماذا وكيف إضافة إلى أنها تجهل صاحبها هي لم تكن أبدا من الفتيات المرهفات الحس و المشاعر ممن يتمنين الدخول في علاقات غرأمية مع الشباب او ممن تتغزل في نجوم السينما و التلفاز الوسيمين فيعلقن صورهم على الحائط ويهمن بهم وبأغانيهم واعمالهم وبرغم طبيعة عملها كممرضة في الوحدة الصحية للقرية رغم انها لم مازالت تدرس في شهادة التمريض ولكن نظرا لجدارتها وتفوقها بالممارسة حصلت على فرصتها بالإضافة لضعف امكانيات القرية وقلة المتعلمين بها.

تختلط يمنى يوميا بالعديد من الأشخاص الغرباء ولكنها لا تسمح لعواطفها أبدا بالتدخل في عملها رغم طيبتها المفرطة واخلاصها الامتناهي في علاجهم.. مما يجعل هذا السؤال المحير يدور برأسها بغير هوادة كيف تحلم بشخص غريب يناجيها ويرجوها بعيناه وكأنه يعرفها وتعرفه وكأنه يعلمها وتعلمه كيف تشعر بألمه كيف تتعلق روحها بمن لم يسبق لها رؤيته اطلاقا على الحقيقة ام انها تهذي وقاربت على الجنون 

يابت ابوكي بيندهلك من فوق مابترديش ليه

أجفلت منتفضة من هذا الصوت الأنثوي الصارم لتكمل المرأة بصياح



ما تردى يازفته سرحانه فى ايه

وضعت يدها على قلبها المرتجف وهى تحدثها 

فى ايه بس يا أمي خضتيني 

هتفت والدتها بوجه عابس

سلامتك ياختي من الخضة ابوكي ليه مدة طويلة بينده عليكي وانتي ولا كانك في البيت اساسا دا انا الصوت وصلني جوا في اؤضتي وانتي برضك ماسمعتيش خبر ايه يابت كنتى سرحانه فى ايه

قالتها نجية بتساؤل أربكها عند الرد فلم تدري بماذا تجيبها مع هذ التخبط الذي ينتابها هذه الأيام وبكثرة فخرج صوتها بتلعثم

يعنى هاكون سرحانة في ايه بس ياما عادي.

رددت نجيه خلفها بعدم تصديق 

اممم عادى! طب أخلصىي قومي أعملي كوبايتين شاي وطلعيهم لعمك وأبوكي فوق على السطح.

أومأت برأسها تجيب بطاعة 

حاضر.

صاحت عليها مرة أخرى بحزم

اخلصي يا يمنى! متتأخريش على ابوكي وعمك هو انتي لسة هاتفكري وتتمطعي مكانك 

قايمه اهو على طول يا أمي والله .

قالتها وهي تنهض عن مقعدها بسرعة مما جعل نجيه تتركها وتدلف إلى الداخل تنفست يمنى صاعدا ثم همت لتذهب وتعد ما طلب منها ولكن قبل أن تتحرك وقعت عينيها على ماكانت ترسمه لتجدها نفس العينان التي تراها في أحلامها منذ فترة .

فحدثتها يمنى وكأنها شئ ملموس وقالت 

طب أقول لأمي أيه أقولها إني بشوف واحد في منامي مش باين منه غير عنيه وأنا اساسا معرفوش على الحقيقه أكيد هتقول عليا مچنونة ! أكيد!

صعدت يمنى إلى السطح بعدما أعدت الشاي كما طلبت منها والدتها لأبيها وعمها الساهران  جالس أمام الڼار التي أشعلها مع أخيه يونس لتعطيهم بعض دفئها وحراراتها ألا يكفى للرجل شقاء النهار في عمله وزراعة الأرض ليحرم من النوم ليلا ويقضي معظمه في حراسة المنزل ايضا!

يمنى تعالى يا بابا.

قال سالم بعد أن أجفل لرؤيتها وهي تتقدم نحوهم فخاطبها ايضا عمها يونس وهو يفرك بيديه أمام الڼار

توك واصله! دا احنا بقالنا فترة مستنين يابنت أخويا.

معلش ياعمي بس والنعمة أنا قومت على طول أول أما قالتلى أمي.

قالتها وهي تناول الاثنان كاساتهم من الشاى

يونس وهو يرتشف من الكوب الزجاجي ويتلذذ بمذاق الشاي

تسلم أيدك يابت يا يمنى كوباية عنب تعمر الدماغ بصحيح.

قال سالم هو الاخر

يونس وهو يتطلع برأسه حولهم في جميع الأنحاء

اهي الليالي دي بتبقى عيد للحرامية.

أومأ سالم برأسه يوافق أخيه الرأى بغصة مريرة في حلقه وقال

انت هتقولي ! يعنى مش كفاية التعالب اللى بتنزل ليلاتى تاكل الطيور من داخل بيوتنا كمان يطلعلنا أولاد الحړام دول ويسرقوا البهايم إللى ساترانا أحنا وعيالنا! منهم لله حرموا علينا النومة في قلب بيوتنا.

جلست يمنى بجوارهم أمام الڼار تستمع بتركيز وأكمل يونس.

امال لو تعرف أني سمعت من جماعة صحابى من يجى يومين كده أنهم شافوا ديب نازل من الجبل.

خرج صوت سالم بنبرة جزعة

يانهار أسود دا تلاقيه جاع وملاقاش أكل في منطقته استرها علينا يارب استرها.

هم يونس بالرد ولكن أوقفه هذا الصوت القوي والذى أجفل الثلاثة منتفضين .

تكلم سالم وهو يتناول ببندقيته لينهض بسرعة ليتفقد الوضع من سور السطح

ياساتر يارب! ضړب الڼار دا جاي منين! 

دا لازم الحرامية نزلوا البلد تاني دي باينها ليلة مجندلة من اولها الواحد كان قلبه حاسس

قالها يونس وهو ينهض أيضا مع أخيه ليتفقدا الطريق المؤدي للجبل والمنازل والطرقات المتفرقة على مرأى أبصارهم.

أردفت يمنى پخوف وهي تقف على مسافة قريبة منهم

يابويا تعالى أنزل شوية وأعملوها دوريات انت وعمى.

سالم وهو ممسك بسلاحھ بحذر وعينيه تنظر بعيدا بترقب وتركيز

انزلي أنتي يا يمنى وأتأكدي من قفل الشبابيك والأبواب كويس.

همت لتجادل أباها ولكن مع انطلاق سيل الطلقات الڼارية مرة ثانية اللجمها الخۏف عن الحديث فصمتت تنظر بالقرب منهم بقلق

ياساتر يارب صوت الضړب مش راضي يوقف هو أيه اللي حاصل بالظبط

قالها يونس وهو ينظر لأخيه الكبير سالم بړعب جلي والذى بادله الاخر نظرته بقلق بالغ. 

ربنا يستر يايونس دا انت بينك صدقت لما قولت عليها ليلة مجندلة من اولها.

يمنى وهي تنتفض من الخۏف خرج صوتها بارتعاش

يا بويا أرجوك تنزل أنت وعمي دلوقتي وبعدين اطلعوا على ما يسكت ضړب الڼار دا شوية في الليلة اللي ما راضية تعدي دي !

نهر سالم ابنته بعد أن أجفل لرؤيتها ثانية يخاطبها بنبرة حانقة 

أنت لسه جاعدة مكانك يا يمنى أخلصي يابت انزلي وأعملي اللي جولتلك عليه.

لكن يابويا..

اخلصي يا



المطارد بقلم امل نصر





يمنى وأكدي كويس على قفلهم.

قالها سالم بقوة وحسم فأذعنت يمنى مضطرة ونزلت الدرج بخطوات مثقلة وذهنها مشتت خوفا وإشفاقا على أبيها وعمها الشاب وبداخلها تردد في الأدعية الحافظة حتى ينجي الله الاثنان

تنفيذا لقرار أبيها بدأت يمنى بغرفة أخواتها البنات سمر و ندى شقيقاتها الصغار اقتربت من فراش كل واحدة منهن تعيد عليها الغطاء وهي نائمة وبعدها توجهت للنافذة الخشب وأغلقتها باحكام ثم خرجت لغرفة أخيها الصغير وجدته نائما هو الاخر فعلت معه نفس الشيء وكررت كذلك بجميع نوافذ المنزل والابواب ولم يتبقى غير المطبخ والذي ما إن دخلته لتقفل نافذته الوحيدة وهمت بأشعال الضوء وجدت كفا غليظة وكبيرة تطبق على انفاسها وذراعا تشل حركتها حاولت الصړاخ والمقاومة لكنها لم تفلح مع هذه القوة الجسمانية الضخمة لتفاجأ بصوته الخفيض الأجش يقول

أهدي ما اسمعش نفسك انا مش قاصد أاذيكي لكن لو جبرتيني هاعملها إهدي كده واسمعي الكلام لو هديتي هفكك بس لو صوتك طلع هخلص عليكى حالا.

زامت بصوتها من تحت كفه وهي تحاول عبثا الإفلات مما أضطره للزمجرة وهو يضغط بذارعيه عليها ليسيطر على حركتها أكثر مع مراعاته لضعف جسدها الهزيل فقال بنبرة حانقة من تحت أسنانه 

الله ېخرب بيت ابوكي ياشيخة انا مش عايز اللمسك غلط لتفكري بيا حاجة عفشة اهدي شوية عشان يدي ماتخونيش وبعدها انتي اللي هاتندمي 

هدأت قليلا وهي تستوعب معنى كلماته ومقصده فاستغل هو سكون حركتها قليلا ليقول بټهديد 

شاطرة وجدعة انك فهمتي ممكن بقى ياحلوة تستوعبي كمان بقية الكلام عشان افك يدي عنك ولا ناوية لسة تتعبيني

أومأت له برأسها خوفا مع ازدياد وتيرة أنفاسها المضطربة بړعب بعد لحظات قليلة من شعوره بسكون حركتها واطمئنانه قليلا بطاعته رفع كفه عن فمها وفك ذراعه عنها بحذر وبطء تسمرت محلها غير قادرة على الألتفاف وهي تجاهد لعدم إظهار رعبها وجسدها ينتفض من رأسها لأخمص قدميها وجهها للحائط وصوت تنفسها يكاد أن يخرج للخارج المطبخ سمعت صوته من الخلف يأمرها

لفي جسمك عشان تشوفيني .

كانت تشعر بتخشب جسدها وبالشلل اصاب رقبتها حتى للألتفاف نحو رؤية هذا الرجل المجهول الواقف خلفها وحرارة انفاسه تلفح عنقها من الخلف حاولت التحرك ولكنها فشلت ويبدوا انه شعر بما أصابها سقط قلبها من الړعب حينما فاجأها بوضع كفيه الكبيرتان فوق اكتافها وصوته الرخيم همس بأذنها 



ياريت تكملي بهدوئك دا ورزانتك كدة على طول عشان لاتتعبيني ولا اتعبك يابت الناس ماشي .

انهى جملته الأخيرة ليدير جسدها بأكمله اليه وهي كالمغيبة تتحرك معه مستسلمة صامتة پخوف تجهل ما ستراه وما سيفعله معها هذا الغريب والأفكار البشعة برأسها تصور لها أسوء السيناريوهات فهي وحدها يقظة في البيت والجميع نائمون عدا عمها وابيها الجالسان فوق السطح وهما لن يشعروا بها أو يأتوا لنجدتها سوى اذا صړخت ولكن كيف تفعل وقد هددها 

شهقت مصډومة وتوسعت عيناها بشكل مخيف حينما رأته أمامها بطوله الفارع وملابسه السوداء ملثم الوجه بشال من الصوف الذي يشبه شال عمها يونس لا يظهر منه غير هاتان العينان العميقتان بلونهم البني ونظرتهم الحادة والقادرة على قټلها خوفا تحاوطها رموش سوداء طويلة للغاية هذه العينان تعلمهم جيدا رسمتهم قبل ذلك في اوراقها عدة مرات لا تعلم عددهم وذلك لأنها هي نفسها ما تراودها هذه الأيام في أحلامها هذه 

الايام بشكل متكرر ومستمر!

....يتبع

الفصل الثاني بقلم امل نصر

انت مين

سؤال بسيط خرج منها بعفوية ودون أن تفكر وكأنها نسيت الظرف المقيت وعادت لأحلامها وهاتان العينان العميقة والغريبة بنظرتها الحادة والتي تحولت لمخيفة بعد سماع السؤال فصړخ فيها بصوت خفيض من تحت اسنانه

انت مالك أنتي انا مين وصفتي إيه انتي تجاوبي وبس هو انا جاي اتعرف بيكي.

عادت للواقع المخيف وهي تومئ برأسها إذعانا خوفا منه

أنتي بقى البت الممرضة

سأل هو بخشونة اهتزت هي حدقتيها بريبة وتوجس قبل أن تجيبه بإرتباك 

أنا لسه بدرس يعني بس في نهائى تمريض.

لوح بيده امامها وهو يقول بټهديد 

طب اسمعى الكلام دا كويس أنتي هاتطلعي معايا دلوك على طول من غير نفس ولا صوت انا مش هائذيكي انا بس هاخدك تعالجيني وأرجعك بعدها سليمة من غير ما امسك بأي سوء.

شحب وجهها كالأموات وهي تستوعب فحوى كلماته فهتفت باعتراض 

اجي معاك فين هو أنت اټجنن...

لم يمهلها لتكمل فيسمع صوتها من اهل المنزل أطبق بكفه مرة ثانية على فمها ودفعها للخلف يهدر عليها جازا على أسنانه

انا مش منبه ماسمعش حسك ولا انك تعملي معايا اي حركة قرعة تنبهي بيها اهلك ولا يكونش عايزاني ااذيكي .

أومأت برأسها ودماعاتها هطلت على كفه المطبقة بقوة على فمها تنفس بخشونة قبل ان يعيد طلبه منها

هاتيجي معايا وتعالجيني زي اي فرد من البلد تاخدي اجرتك وترجعي قبل أي حد من اهلك ما يصحى ويحس بيكي 

حركت رأسها رافضة فازدات حدة أنفاسه وهو يرمقها پغضب حارق ثم مالبث ان يدفعها نحوه كي يسيطر على حركتها مرة وهو يسحبها من ذراعها و صوته يخرج بتوعد  

أنا كنت عارف من الأول إن هاتتعبيني بس انا قولت اعمل الي عليا!

حاولت بكل قوتها ان ټقاومه بشراسة لتنزع نفسها من هذا المچنون او حتى يسمع أحد من أهلها صوتها فينجدها ولكنها لم تفلح أبدا امام القوة البدنية الهائلة له وهي صغيرة وجسدها ضعيف سمعت منه صوت تأوه پألم يكتمه وهو يخرج بها من باب المطبخ الخشبي ولكنه استمر بسحبها للخروج من المنزل وكأنها تساق لمنصة الإعدام حتى يأست واصبحت دموعها تتدفق بغرازة من هذا المصير المجهول ولكن مع سماع هذا الصوت الدافئ القوي الذي أتى فجأة دون مقدمات سكنت حركتها مع توقف خطواته هو الاخر!

سيبها بدل ما أخلص عليك .

قالها سالم أبيها وهو مصوب بندقيته على رأس الملثم توقعت منه تركها في الحال ولكنه ظل ممسكا بها وهو ساكن دون حركة.

كرر أبيها بصوت أشد وأقوى 

بقولك سيبها ياعديم الشرف يابن ال.... بدل ما أفرغ رصاص بندقيتي كلها فيك.

أفلتها فجأه وتركها ليلتفت نحو أبيها ينظر إليه بتحدى ووعيد وهو يومئ له بسبابته ناحية صدره 

بقى أنا ابن ال...... وعديم الشرف انت قد كلامك ده

سالم وقد تراجع خطوات قليلة ومازال مصوب البندقية بوجه الغريب قال بازدراء

لا أنت عايزني اسقفلك وأنا شايفك بتسحب بنتي وټخطفها!

ظل ساكنا دون أن ينطق بكلمة ولكنه كان ينظر لسالم بكل تحدي.

انت مين ياض اكشف وشك خليني اشوفك.

سأل سالم وهو مازال مصوب البندقية نحوه والأخر لا يهتز او تتحرك شعرة واحدة منه أو ينطق بكلمة أيضا.

صړخ عليه سالم بصوت قوي أيقظ جميع من في المنزل قائلا 

أكشف وشك ياض ولا اكشفهولك

هنا فقط تكلم وهو يلوح بيده بصوت خفيض ومريب قال 

حاول بس انك تتجرأ وتمد أيدك ناحيتي عشان اقطعهالك!

تبسم سالم لهذا الغريب قائلا بسخرية 

دا انت كمان بجح ولسانك طويل! دا غير انك مستعفي ومستقوي قلبك قدامنا قولي



المطارد بقلم امل نصر


ياض هو انت شارب ولا مبلبع حاجة قبل ماتيجي عندينا وتورينا طلعتك البهية دي

اهتزاز راس الغريب أظهرت ابتسامة ساخرة باتساع بلا مبالاة رغم تلثم نصف وجهه ليزداد الحنق بقلب سالم الذي كان يزئر بغيظ ونفاذ صبر منه كل هذا أمام يمنى المستند بظهرها على الحائط ترتجف من الخۏف ودموعها تهطل بصمت وهي تراقب الاثنان وكأنها ترى مشهد سينمائي أمامها وهي بعالم آخر الټفت فجأة على صوت والدتها الذي صدر من الخلف 

ايه الډم ده

قالت نجيه بجزع وهي تنظر إلى الحائط الخارجي للمطبخ بعد أن استيقظت وخرجت من غرفتها.

انتقلت نظرات الثلاثة ناحيتها وبقعة الډم الكبيرة في الحائط عادت يمنى للواقع وهي ترفع كفيها دون تفكير لتجد آثار الډماء بهما فأنتقلت بأنظارها إلى هذا الغريب الواقف أمامهم بكل ثبات وجلبابه مغرق بالډماء ناحية ذراعه الايسر والكتف ومع ذلك لم يهتز بحركة واحدة حتى!

صاح عليه سالم بعدها پجنون.

أنت أيه حكايتك ياجدع انت رد عليا! بدل ما أنت واقف كده زي الحيطة وساكت.

رد أخيرا الرجل الغريب فقال بهدوء .

حكايتي ملكش دعوة بيها أما بقى حكاية إني أخطف بنتك فأديك عرفت السبب عشان تطلعلي الطلقة اللى في كتفي وتطهرلي الچرح يعني أنت دلوقتي تسيبها تطلع معايا ولو أنت عايز تيجي معاها يبقى اخلص عشان تنزلوا قبل الفجر.

هز سالم راسه واصدر ضحكة ساخرة وهو يقول

أنت مچنون ولا حاصل في عقلك حاجة بقى عايزني أطلع أنا وبنتي معاك الجبل

قولتلك هرجعكم قبل الفجر.

قالها الآخر بقوة فرد سالم بصوت أعلى وأشد وهو يلوح ببندقيته 

أخلص أنت وغور من وشي أنا صبري نفد وكلمة تانية وهفرغ بندقيتي كلها فيك وأنت اساسا ملكش دية.

وبدون سابق إنذار شد هذا الغريب البندقية من سالم وباغته بضړبة في رأسه جعلته يترنح وقبل ان يسقط أرضا كانت البندقية في يد الغريب الملثم ترافقه صرخات يمنى ووالدتها نجية كل هذا حدث في ثوان بسيطة. 

وضع سالم يده على رأسه يأن الما والآخر ينظر إليه من علو بظفر وانتصار قبل أن يقول بتشفي

ها ايه رأيك بقى تحب افرغها انا دلوك فيك

رمقه سالم بكره وڠضب وزوجته تندب على خديها وبجوراها التصقت يمنى تعاود البكاء فزفر الرجل الغريب بضيق وهو يردف بتعب

اسمعني كويس أنا مش هأذى بنتك ولا أضرها أنا هاخدها بس تعالجني وبقولهالك تاني اها لو عايز تيجي معاها تعالى وأنا هرجعكم قبل الفجر.

رد سالم وهو يحاول رفع نفسه عن الارض 

دا على چثتي أن اخليها تطلع الجبل اموتها احسن ولا تطلع معاك!



هدر عليه الآخر بصوت جمهوري بعد أن فقد إتزانه 

وانا بقولك هاخدها يعني هاخدها انا ياقاتل يا مقتول النهاردة.

تدخلت نجية ببنهم هاتفة بحل وسط 

طب خلاص يابني أقعد أنت هنا وأحنا هنعالجك ونطلعلك الړصاصة.

آه وتجيبولي البوليس ياخدني وانا على سريري دا أنا مأمنش أديكم ضهري!

قال الأخيرة بصړاخ فى نجية ليستغل سالم هفوته ويمسك بالبندقية ويحاول تخليصها من يده أو إسقاطه أرضا ولكنه تماسك قبل أن يسقط 

فغلت بداخله النيران ليصوب نحو سالم بالبندقية نحو صدره قبل أن يردف پغضب مكبوت 

متخلنيش أئذيك أنت راجل كبير وأنا مش عايز أيتملك عيالك يظهر ان الزوق منفعش معاكم بس انت اللى جبته لنفسك اخلصي يابت انجري جدامي

هدر الأخيرة في يمنى التي أخذت تبكي بعويل.

فصاح نحوها أبيها بټهديد ووعيد

أياك تتحركي يا بت من مكانك لاحسن اقطع خبرك.

فصړخ الرجل الملثم بصوت ۏحشي

يعنى انت بتتحداني طب أنا هاخدها من غير.... 

قطع جملته هذه المرة حيث وقع صريعا على الارض مضرجا في دمائه بعد أن تلقى ضړبة قوية على رأسه من الخلف بدون سابق إنذار.

قال سالم وقد تهللت أساريره.

تسلم ايدك يا يونس جيت في الوقت المناسب قبل ما واد المحروق ده ما ينفذ تهدديه ويسحب البت مني وقال ايه قال عايزها تعالجه قبر يلمه.

بصق يونس من فمه أرضا قبل أن يردف

معلش ياخويا ان كنت أتأخرت عليك بس أنا استنيت وأنا مداري بعد مانزلت اطمن عليك لما غبت عني قولت آخده على خوانه احسن واد الرفضي ده.

يا مري لاحسن يكون ماټ ولا حصلتله حاجة عفشة يابوي.

خرجت من يمنى بصړاخ وهي تنزل أرضا لتفحصه.

رد يونس بقرف وهو لا يبالي 

مايموت ولا يغور في داهية حتى هو احنا هنزعل عليه كمان! 

صاحت يمنى بأمل

دا لسه فيه الروح يابوي! يعني احنا ممكن نلحقه لو سرعنا بس في علاجه.

قال يونس وهو ينظر بإزدراء ناحية يمنى وهذا الغريب الملقى في الأرض چثة هامدة.

نلحق مين يابت أحنا كمان هنعالج مجرمين ياللا يا سالم ياواض ابوي شيل معايا خلينا نرميه بره البيت واد الحړام ده وأن شاء الله حتى الكلاب ياكلوه هو احنا ناقصين بلاوي .

كانت نجية وهى تهز برأسها حزنا وهي تنظر نحو الغريب الملقى على أرضية منزلها دون حراك ولا صوت ېنزف الډم من رأسه بالإضافة الى الډماء التي ټنزف من اصاپة ذراعه واغرفت جلبابه فقالت بأسى  

ياحسرة أمك عليك! كان أيه بس اللي رماك في السكة الۏحشة دي بس يابني حرام عليك يا أبو محمد دا مهما كان برضو روح.

قالت الأخيرة لزوجها الذى ظهر على وجهه التأثر فتشجعت يمنى لتبدى رأيها قائلة 

يا بويا هو من الأول كان غرضه العلاج واحنا شوفنا بنفسنا صدق كلامه من الأصابة الكبيرة اللي في دراعه خلينا نعالجه ونكسب في ثواب وبعدها ربنا يعدلها دا مهما كان برضوا روح زي ما قالت امي حتى لو كان مچرم!

صمت سالم وهو يدقق النظر في الرجل فقال بتراجع 

ايوة بس يابتي دا غريب عننيا واحنا منعرفش ايه المصاېب اللي جررها وراه قبل ما ياجي هنا عندينا وكمان كان عايز يخطفك قدامي بقلب مېت من غير ما يجدر اني راجل وعندي شرف .

تكلمت نجية برجاء 

بس دا شكله ابن ناس ياسالم وباينه عامل زي الغريق اللي بيتعلق بقشاية لما جه عشان ياخد بتك من قلب بيتنا عشان تعالجه.

هتف يونس وكانه فقد تعقله

هو انتوا بتتكلموا كيف كده بسهولة وبساطة وكأن اللي مرمي على الأرض ده شهيد ولا حد قريبكم في ايه اصحوا دا واحد مچرم ويستاهل القتل والشڼق كمان هو اللي يهجم على بيوت الناس كمان في قلب الليل يتقال عليه روح يا مرة اخوي انت وبتك

هتفت نجية ترد عليه

واه يا يونس احنا بنعمل كدة بس عشان ربنا مش عشان المخلوق حتى لو كان مايستاهلش. 

ساكت ليه أوعى تكون هتمشي مع كلام الحريم اللى مافيهاش عقل دى يا سالم !

قالها يونس بصياح فى أخيه الذى وقف حائرا بينهم لايدرى ماذا يفعل!

..... يتبع

الفصل الثالث

كيف يحدث هذا ولماذا وما الرابط الذي يجمع بينهم ليحدث!

زفرت يمنى بقوة وتهدلت أكتافها بإحباط وهي لا تجد إجابة لهذه الأسئلة التي تتكرر بعقلها كلما نظرت في هذه الورقة التي رسمتها سابقا لتلك الأعين وقارنتها بعينيه أمامها إنها تقريبا هي!

نزلت بعينيها على صفيحة وجهه



المطارد بقلم امل نصر


علها تتذكر إن كانت رأته بمكان ما لايبدوا أبدا هذا هو الشخص الذى كان قبل ساعات قليلة يتشاجر مع أبيها ويريد اختطافها ولا يشبه أحدا من سكان قريتها أو رأته قبلا في أي مكان إنه حتى لايشبه المجرمين! منحوت الوجه ذا بشړة حنطيه مستقيم الأنف ملامح جميله لمچرم!

ترى ما الذي أرتكبه من جرائم ليصاب بهذه الطلقة في كتفه

يوووووه.. أنا هفضل كده اسأل واتعب في نفسي عالفاضي.

قالتها يمنى وهي تحدث نفسها وتشيح بنظرها عنه لتشهق منتفضة بعد ذلك حينما وجدت يده الغليظة أطبقت على معصمها بقوة. 

انتى بتعملى ايه

قالها بحدة ونظرة مخيفة اربكتها عن الرد خصوصا مع قرب المسافة بينهما فخرج صوتها بتقطع

ااا... سيب أيدى طيب.. خليني أرفع نفسي الأول عشان اعرف ارد عليك.

تنفست براحة وهي تبتعد عنه حينما ترك يدها تدلكها باليد الأخر اما هو فانشغل عنها وعيناه تطوف الغرفة ثم نزلت على جسده ليرى نفسه في غرفة غريبة عنه ومستلقى على فراش مريح وقد بدلت ملابسه لاخرى مختلفه ونظيفة ذراعه الايسر والكتف محاطين بالأربطة الطبية حاول أن ينهض فصړخ پألم بمجرد رفع رأسه.. 

خلي بالك .. انت كده هاتئذي نفسك.

قالت يمنى وهي تمنعه بيدها أغمض عينيه لدقائق وهو يئن من الألم الموجع الذي شعر به برأسه وهي كانت تنظر إليه بترقب وتوجس ثم ما لبث أن ارتفعت عيناه اليها ليهدر عليها بصوت ضعيف ولكنه مخيف قائلا 

أنتوا عملتوا فيا ايه بالظبط وانا ايه اللي جابني هنا من الأساس

انتصبت في وقفتها وهي تبادله النظرة بتحدي قبل أن تردف 

عملنا فيك ايه يعني عالجناك وطلعنالك الطلقة اللي كانت في كتفك ولبسانك جلابية جديدة بدل إللي كانت ڠرقانه ډم.

بعد ماضربتوني على نفوخي وكنتوا ھتموتوني 

قال بحنق وڠضب اثار حفيظتها مماجعلها ترد بقوة

ياريت حضرتك تفتكر إنك كنت جاي تخطفني يعني أبويا وعمي كانوا بيدافعوا عن شرفهم!

أنا ماكنتش هائذيكى ولا أعملك حاجة وحشة

قال ببساطة مما جعل يمنى تنظر إليه بدهشة فاغرة فاهها لدقائق قبل ان تتدارك نفسها في الرد

هو أنت إزاى بتتكلم كده ببساطة عن حاجة كبيرة زي دي لدرجادي سمعة بنات الناس والكلام في عرضهم حاجة سهلة ورخيضة قوي كدة عندك

يبدوا ان كلماتها البسيطة له اصابت هدفها في عقله مما جعل ملامح وجهه تتغضن بالحزن وعيناه يشيحهها بعيدا عنهافحاول النهوض ثانية دون ان يرد عليها فصړخ پألم أكبر متأوها بحړقة.



يا استاذ يا حضرة ماتحركش راسك دي خالص لو عايز إصابتك تخف.

استاذ! وحضرتك! بقالي سنين ماسمعتش الألقاب الحلوة دي!

لاتدري لما شعرت ببعض السعادة حيمنا رأت ضحكته الجميلة وقد أنارت وجهه الوسيم والعابس دائما حتى لو كانت صادرة پألم هزت برأسها لتجلي عنها هذه الأفكار الغريبة عنها فقالت و هي ترتد بأقدامها للخلف

طيب أنا كده بقى اطمنت عليك هاسيبك ترتاح وتكمل نوم دلوقتي وابقى أشوفك بعدين على فكرة أنا مدياك مسكن قوي فحاول متحركش راسك تاني عشان ياخد مفعوله كويس في جسمك وماتتعبش.

وكأنه لم يسمعها ولم يشعر بخروجها واغلاق الباب فقد ظل على وضعه ناظرا امامه في الفراغ ولم يطرف بعينيه حتى تنهد پألم ليشرد إلى أحزانه وما وصل اليه الان بعد أن فقد كل شيء حاله وماله والأسرة والمستقبل ليصل الى حالته الان وهو مچرم مطارد يتعالج في بيت الأغراب وقد شفقوا على حاله بعد أن هددهم بكل خسة وندالة وهو يشرع بخطڤ ابنتهم لعلاجه في لحظة يأس تملكته حينما ضاقت به السبل ولم يعرف أن يذهب بإصابة كتفه الخطېرة وهو غريب عن القرية ولا يعلم بأهلها انتبه فجأة لهذه الورقة التي وجدها على غطائه يبدو انها وقعت منها دون قصد!!

خرجت من غرفة المصاپ الغريب كي ترى أبيها والذي كان جالسا في ردهة المنزل مطرق الرأس ومستندا بمرفقيه على أرجله 

وزوجته نجيه بجواره والتي بمجرد رؤيتها ليمنى سألتها متلهفة

ها يابنتي ايه الاخبار وعامل ايه دلوقت

ردت يمنى وهي تجلس أمامهم في الكرسي المقابل لهم.

الحمد لله ياأمي هو فاق وحاليا صاحي واكيد بكرة إن شاء الله يتحسن اكتر من الأول .

رفع سالم رأسه هو الآخر ليسألها  

يعني هيقدر يمشي على رجله لو قولنالوا خد بعضك وامشي بعد ماخدت اللي انت عايزوا وعلجناك .

تحركت راسها باعتراض

لا يابويا ماينفعش ضړبة المخ كانت جامدة قوي دا مايقدرش يحرك راسه حتى!

ياكش كان ماټ. 

صدرت من يونس وهو خارج من غرفته نحوهم بعد ما سمع اخر حديثهم.

مسح سالم على وجهه بكف يده بتعب وكلماته تخرج بصعوبة 

ماخلاص يا يونس ياخوي هو احنا مش هانفضها خالص بقى من الكلام في الموضوع ده

رد يونس بحدة 

لا يا سالم مش هنخلص كان مالنا أحنا بس بالمصاېب دي حد عارفوا مچرم ولا ابن حرام أدي اخرة مشورة الحريم!

نظرت إليه نجية بامتعاض ثم مالبثت أن تنهض من امامهم جمعيا وهي تقول 

انا قايمه اسخن له حاجه يتقاوت بيها ماهو ماينفهش نسيبه كدة وهو اتصفى من جسمه ډم كتير

فغر يونس فمه قليلا بدهشة قبل ان يرد

وكمان هاتأكليه يامراة أخويا والله عال مانحجزلوا بالمرة أوضة بمنافعها مدام الخدمة فندقية بالشكل ده..

تجاهلته نجية وهي تدلف لدخل المطبخ.

لم تخفي يمنى ضيقها من تهكم عمها نهضت من جواره لتتجنب الجدال معه وتكفل سالم بالرد على اخيه

يعنى هتيجى عاللقمه يا يونس نسيبه ېموت من الجوع يعني ! .

ضړب يونس بكفه على فخذته بغيظ

لا طبعا مايصحش ياواد ابوي احنا نعالجه ونوكله ونشربه ونعلفه كمان بالمرة ماهي خربانة خربانة.

زفر سالم بقلة حيلة وهو ينفض جلبابه ليشيح بوجهه للناحية الأخرى لايدري متى سوف يكف أخيه عن تقريعه بسبب هذا الغريب الذي اضطرا لعلاجه بدافع انساني حينما وجده بين الحياة والمۏت وليس رضوخا لرغبة زوجته وابنته هو لو بيده لكان بلغ الشرطة عنه وانتهى من مشكلته ولكن الخۏف من المجهول منعه فهو لايدري اي مصېبة قد قام بارتكابها هذا الغريب وما خلفيته ان كان لص ام قاټل مأجور وخلفه عصابة.

فتحت نجية باب الغرفة لآخره حتى تستطيع إدخال صينية الطعام مما جعله يستفيق منتبها لها وهي تدخل وتلقي السلام 

حمد لله عالسلامة .

أومأ بعينه مرحبا قائلا بضعف 

الله يسلمك ياخالة هي الساعه كام دلوقتي

نجية وهى تضع الصنية على طاولة صغيرة وتقربها من سريره 

الفجر قرب يأذن قوم قوم كلك لقمة عشان تصلب طولك.

رمق الطعام بطرف عينه ثم اشاح بوجهه قائلا بصعوبة

خدي وكلك ياخالتي واطلعي انا ماليش نفس لوكل ولا شرب حتى.

قالت نجية وهي تتناول طبق شربة من فوق الصنية وتقربه منه

عادي ياولدي ان تبقى نفسك مسدودة عشان اللي حصل معاك بس انت لازم تاكل حاجة تسند قلبك . 

هتف هو بانزعاج 

الله


المطارد بقلم امل نصر





يرضى عنك سيبني ما انا قولتلك مش عايز .

استمرت بمحايلة وهي تقرب الملعقة منه 

ياولدي بقولك عشان صحتك ثم ان دي حاجة خفيفة دي شربة خضار.

لا أنا هاقوم أمشي كفاية عليا كده.

تشنج قائلا بحرج وهو يحاول أن ينهض مما جعله ېصرخ متأوها 

ااه.. اه يامخي .

صاحت نجية وهي تحاول بيدها الضعيفة إعادت رأسه المصابه للوسادة ثانية قائلة 

ليه بس كده يابني مش قالتلك يمنى بتي ماتتحركش من مكانك

تأوه بصوت عالي من الألم 

اااه ....اااه. 

لم تتحمل رؤيته يتألم فاخذت تنادي على ابنتها بصوت مرتفع 

بت يايمنى تعالي يابتي هنا عايزاكي.

فأتت الأخرى سريعا مجفلة على صړخة والدتها

مالك يا أمى بتندهي ليه ودا پيصرخ ليه دا كمان

نجية وهي تربت على كتفه لتهون عليه الألم

تعالي شوفيه يابنتي ! أصله قام فجأه من فرشته وكان عايز يمشي

أنا مش مأكده عليك ماتحركش نفسك عشان ماتتأذيش هاديك حقنة تهدي الألم شويه معاك وتنام بعدها وأنت 

شيلى الأكل ده يا أمى.

قالت نجية بحزن 

ياعينى عليك يابنى أنت هاتتحمل ايه ولا ايه بس

يمنى وهي تغرز الحقنة في المحلول المعلق 

مش وقت ندب دلوقتي ياما شيلي الأكل ده أنا هقعد هنا جمبه شويه واراعيه على ما يصحى.

حاضر يابنتي

قالتها نجيه ثم رفعت صنية الطعام عن الطاولة وخرجت بها. فجلست يمنى على كرسي قريب منه.

أشرق الصباح بأنواره وتجلت نعم المبدع بهذه الأصوات الجميلة للعاصفير المغردة على غصون الأشجار القريبة من المنزل تسبح للرحمن في سيمفونية رائعة منظمة بقدرة القادر وحده.

استيقظ هو على هذه الأصوات وانتظر دقائق ليستوعب أين هو! 

طاف بعنيه فى الغرفة الغريبة يعيد تذكرها مرة أخرى ويستعيد ماحدث له في الساعات الاخيرة وجدها أمامه جالسة ورأسها مائلة على طرف الكرسى وهى فى سبات نوم عميق انتهز الفرصة ليتحقق من ملامحها الجميلة التى تشبه فى أفعالها الملائكة قولا وفعلا لا يدرى كم مر عليه من الوقت وهو يشبع أنظاره منها ولايمل.

تحركت رأسها بحركة لا إرادية جعلتها تستيقظ من النوم تثائبت وهى تمسح بكفيها الاثنين على وجهها وفردت ذراعيها وبدأت في الاستيقاظ ولكنها شهقت مڤزوعة تنكمش على نفسها خجلا حينما رأته أمامها بهذه الأعين المتربصة وطيف ابتسامة ماكره على وجهه فأردفت بخجل 



صباح الخير هو أنت من امتى صاحى بالظبط

إزدادت ابتسامتة عبثيه على وجهة دون أن يتكلم. فغيرت السؤال قائلة

طب انت كويس ولا حاسس بحاجة واجعاك .

ظل على سكوته المريب مع هذه الابتسامة السمجة المزعجة. 

مما جعلها تمل فهمت تنهض وتتركه ولكنه أستوقفها

استني عندك دقيقة .

وقفت مضطرة تستمع لها ولكنها أجفلها وهو يخرج الورقة من تحت غطائه ويسألها بلؤم 

أي دى

وكأن دلوا من الماء البارد سقط على راسها فتحت فمها وأغلقته عدة مرات لا تجد إجابة سوى 

ها!

......يتبع

الفصل الرابع بقلم امل نصر 

تلجم لسانها عن النطق ببنت شفاه وهي لاتجد ماترد به فماذا تقول وكيف تختلق حجة تبرر بها وهي تحمل نفسها هذا الخطأ الكبير بنسيانها للصورة وظهورها بهذه الصورة المخزيه أمامه فكيف تأتي بفكرة تكبح بها سيل ظنونه السيئة نحوها

بقولك اي دى مابتروديش ليه

كررها مرة ثانية وكأنها في جلسة تحقيق فلم تجد أمامها سوى الرد بعفوية لتبدوا وكأنها إجابة طبيعيه 

اا عادي ! دي صورة مرسومة مالها يعني

ردد خلفها بنفس الطريقه 

اا عادي.. وصورة مرسومة! ومين بقى اللى رسمها ان شاء الله

يانهار أسود! هو أنا مش هاخلص

هذا ماحدثت بيها نفسها بصوت خفيض وهي واقفة لاتدري بما تجيبه.

فازداد هو في تهكمه وقال بحدة

ماتردي! أنتي خرستي 

لو سمحت من غير غلط!

قالت بعصبية وڠضب وهو ظل صامتا و أكتفى بالنظر إليها مضيقا عينيه وكأنه يقرأها ليزيد من توترها 

قطع هذه اللحظة العصبية على يمنى دلوف والدتها نجية لداخل الغرفة وتلقي التحية بعفوية 

صباح الخير ألف سلامه عليك يابني يارب تكون بخير النهاردة.

نقل أنظاره إلى نجيه ببطئ ليرد عليها بموده

الله يسلمك يا خالة أنا كويس والحمد لله.

اتسعت ابتسامة نجية قبل أن تردف بمودة 

للمرة التانية بتقولي ياخالة طب ماتقولي يابني اسمك ايه عشان اندهلك بيه.

بادلها إبتسامتها ولم يتردد في ذكر اسمه اماهم  

صالح ياخالتي اسمي صالح.

عاشت الأسامي يابني اسمك حلو قوي.

قالتها نجية بترحيب على عكس يمنى التي تمتمت مع نفسها الأسم وكأنها تراه لا يليق بيه ويبدو أنه قرأ أفكارها!

ايه مش عاجبك الاسم ولا مش حساه لايق عليا

وأنا دخلى أي باسمك إن كنت صالح فدا لنفسك وإن كنت غير برضو لنفسك.

قالتها بأسلوب ساخر أزعجه وغرز بداخله الغيظ فقرر قلب الطاوله عليها..

إلا قوليلى ياخالة مين عندكم في البيت هنا بيرسم كويس

يمنى بنتي يابني أنت ليه بتسأل

بهتت يمنى وكادت أن تسقط مغشيا عليها حرجا من هذا الشخص المريب والذي استغل طيبة والدتها فحصل منها على إجابة لسؤاله بمنتهى البساطة ليكمل بخبث وهو يلوح بالصورة أمام نجية سائلا

يعنى هي اللي رسمت الصورة دي ياخال 

هنا لم تستطع التماسك أكثر فخرجت مسرعة من امامهم دون استئذان واقتربت نجية أكثر لتتحقق من الصورة.

ياه دي تشبه عنيك بالظبط! بس دى امتى رسمتها دي ياحبيبتي طلع عينها الليلة اللي فاتت هي وأبوها وهما بيطلعولك الطلقة من كتفك وينضفوا چرح راسك ويطهروه.

أجفل هو لجملتها الاخيرة فسألها قاطبا

بتقولي مين اللي طلع الړصاصة 

بقولك يمنى وعمك سالم ابوها هما اللى طلعولك الړصاصة بس انت ايه اللى عمل فيك كده بس يابني

شاح ببصره عنها غير قادر على مواصلة الحديث ليردف پغضب

أنا عايز أمشي ممكن تسنديني عشان أقوم

فسارعت المرأة بطيبه تثنيه عن قراره 

خلاص يابني إن كنت زعلت بس أنت ماينفعش تقوم دلوقت لما راسك تخف الاول اقولك استنى اجيبلك تفطر الأول.

مالوش لزوم كام مرة هاقولك انا لا عايز وكل ولا شرب 

قالها بنفس حرج الأمس مما أدهش نجية أكثر فأصرت عليه ليأكل كي يتمكن من الشفاء ثم خرجت من الغرفة وتركته في حيرة من أمره وخجل من نفسه ايضا.

ياترى هيقول عليا ايه دلوقت لا يفتكرني معجبة بجنابه دا ايه الوقعة المهببة دي بس ياربي والإحراج اللى أنا فيه دا! يعنى كان لازم أدخل بالرسمة المهببة دي عنده في الأوضة واقارن بين الصورة والحقيقة أنا عقلي كان فين ساعتها بس!

انت بتكلمي نفسك يابت

اجفلت منتبه على صوت والدتها فقالت بتشت 

ها في حاجة ياما هو انت بتكلميني 

نجية وهي تتقدم بخطواتها لداخل المطبخ وتقترب من يمنى الواقفة بجوار الموقد ومكتفة ذراعيها بشرود

اللي واخد عقلك يتهنا بيه ياختي.

سألت نجية بريبة ونظرات متفحصة وكانت الرد من يمنى 

فى ايه يا أمى ولزمتوا ايه الكلام ده بس

استندت بكفها على سطح المطبخ وهي تنظر ليمنى عن قرب قبل أن تردف 

ما هو لم ادخل عليكي المطبخ الاقيك بتكلمي نفسك وسايبه الشاي يغلى وراكي يبقى ليه لازمة



المطارد بقلم امل نصر





الكلام يا يمنى عشان اعرف ايه اللي مغيرك بالظبط 

سارعت يمنى بإطفاء الموقد المشتعل خلفها على براد الشاي لتتناوله وتصب منه في الأكواب الزجاجية على رخامة المطبخ بجوارها وهي تردد

معلش يا أمى مكانتش واخدة بالي معرفش ايه اللي خلاني سرحت عنهم بس.

لاحقتها نجية بنبرة مستخفة

مكانتيش واخده بالك طب وسعي ياختي عن البوتوجاز خلينى أسخن لقمة للجدع المتصاب جوة ده وسعي.

تركت يمنى ما بيدها والتفتت تنظر لوالدتها بتعجب قبل أن تسألها 

معلش يعني ياامي هو انتي ليه متعاطفة مع البني أدم دا دا حتى مچرم!

التفتت إليها الأخرى تجاوبها بطيبة

يابنتي أنا حساه ابن ناس وجار عليه الزمن وحتى لو كان مچرم مفيش حد بيبقى مچرم كده لوحده المهم أنتي ازاي رسمتي عنيه وليه أساسا ترسميها

عاد اليها الشعور بالحرج بعد ان كانت تناسته فالتفتت ثانية تكمل ماتفعله وتتجاهل الرد على والدتها وهي تردف

أنا هروح أودى الشاي لأبويا أحسن يستعجلني.

قالت وهي ممسكة بصنية الشاي وخرجت على الفور متهربة من أسئلة والدتها.

وعند سالم الذي كان جالسا على الأريكة الخشب خارج المنزل وهو يتسامر مع جيرانه ويتحدثون عن الليلة الماضية وسمعاهم لصوت الطلقات الڼارية الكثيفة سأل الرجلين الجالسين معه

يعني على كدة محدش عارف صوت الضړب الكتير ده كان جاي منين

أجاب الجار سعيد 

الظاهر كده يا أبو محمد أنهم مكنوش حرامية زي كل مرة.

وافقه الرأي جاره الاخر والمدعى حميدو

عندك حق ياسعيد عشان أحنا لحد دلوقتي مسمعناش عن أي حد في البلد بهيمته اتسرقت امبارح.

خمن الجار سعيد بفطنته 

يمكن قتل اللهم احفظنا حد عارف اصلها حاجة غريبة قوي صراحة وعمر الضړب ماحصل في ليلة في بلدنا الا اما اسمعنا بعديها عن السبب بالظبط لكن اننا نسمع طلق الړصاص دا كله ومانعرفش باللي حصل دي عمرها ماحصلت!

انقبض قلب سالم مع سماع كلمة قتل وذلك لتذكره هيئة الرجل الغريب أمس والطلقة التي قام بإخراجها بطريقته البدائية والتي تعلمها ابا عن جد ولكن ببعض الأدوات والعلاجات الحديثة بمساعدة ابنته ترى هل كان طرفا هذا الرجل الغريب فيما حدث أمس أم كان طرفا في معركة أخرى 

حاول أن يبدو طبيعيا أمام جيرانه لكن الخۏف بدأ يزداد بقلبه حينما سمع جاره حميدو وهو يقول 

ربنا يستر ومايكونش حاجة كبيرة وتروح فيها البلد كلها لأن امبارح ضړب الڼار كان كتير قوي.



أجفل سالم من شروده على صوت ابنته يمنى وهي تهتف عليه 

ابويا الشاي يا بوي.

اومأ لها رأسه يحثها على التقدم 

قربي يابنتي بالشاي مافيش حد غريب دا عمك سعيد وعمك حميدو.

خرجت اليهم وهي تتقدم بصنية الشاي نحوهم فخاطبها الجار سعيد وهو يتناول كاسته منها

مش بعاده يعني تغيبي عن المعهد يابنتي دي اول مرة تحصل.

ارتبكت يمنى في الإجابة عن سؤال الرجل وقام أبيها بالرد نيابة عنها

أنا اللي قولتلها تريح النهاردة ما أنت عارف شغلانة التمريض صعبة ومتعبة وانا بصراحة شفقت عليها.

تدخل الجار حميدو قائلا هو أيضا

اسم النبي حارسها وصاينها دي أحسن من الدكاترة نفسيهم دا ديك النهار ابني الصغير لما اټعور ورجله اتفتحت خيطتها وطهرتها أحسن ما كنا روحنا بالولد المركز واتمشورنا هناك.

قال الجار سعيد

ربنا يحرسها دا الشغل اللي بتعمله في الوحدة الصحية عملها سمعه طيبة شهرها في البلد كلها.

استأذنت منهم يمنى لتدلف لداخل المنزل وتمتم سالم بداخله بامتعاض 

سمعتها الطيبة! ياريتها مابقت ممرضة ولا بقى ليها سمعة!

دلفت لداخل المنزل لتفاجأ بصياح والدتها عليها باسمها من داخل الغرفة الموجود بيها هذا المدعو صالح فزفرت بضيق

يوووه هو أنا مش هخلص النهاردة باين

همت التجاهل والذهاب لغرفتها ولكن مع تكرار الصياح اضطرت صاغرة تدخل الغرفة 

عايزه أي يا أمى.

سألت بعد ان دلفت الغرفة وهي تتجنب النظر إليه فردت والدتها .

تعالي يابنتى ساعديني أصل عايزة أفطر صالح وهو مش قادر يحرك راسه.

أقتربت منهم على مضض لتساعدها برفع رأسه حتى يتمكن من الأكل دون أن يتألم متجنبة النظر اليه وهي تشعر بنظراته المسلطة عليها.

قالت نجية بمودة بعد ان عدلت بمساعدة ابنتها وضع رأسه كي تمكن من تناول الطعام 

الحمد لله يابني تقدر تاكل دلوقت.

رد صالح وهو ينظر ليمنى بطرف عينيه 

عشان خاطرك بس يا خالة هاكل حتى عشان أقدر بس أقوم وأريحكم من تعبي 

رد صالح بحرج 

ياخالتي أنا دراعي اليمين شغال وأقدر آكل بيه.

ياسيدى عارفين بس أحنا خايفين من الحركة لا تتعبك واحنا عايزينك تخف وتقدر تمشي على رجليك.

قالتها يمنى وهي مكتفه ذراعيها وتشدد على الجملة الاخيرة عله يفهم مغزاها ويبدوا أن الرسالة وصلت فابتسم لها رافعا حاجبه

فور ان همت نجية بإطعامه تفاجات بنداء زوجها باسمها من خارج الغرفة فنظرت ليمنى موجهة كلماتها 

روحي يا يمنى شوفي أبوكى بينده عليا ليه

همت بالذهاب ولكنه أستوقفها صالح قبل أن تتحرك 

روحي انتي يا خالة شوفي جوزك عايز ايه وخلي الدكتورة يمنى هي اللي تأكلني.

رفعت يمنى طرف شفتها مستنكرة سخريته بتلقيبها بالدكتورة وقالت  

دكتورة يمنى!! لا وكمان عايزني أأكلك كمان

أردف هو ببرائه 

تزعلي من دكتورة معلش انا قصدي اقدرك وكمان سامحيني إن كنت هتعبك معايا بس أنا مش عايز عمي سالم يزعل من خالتي نجية وأنا لازم اكل عشان أخف ولا أنتي مش عايزاني أخف!

صكت على فكها غيظا من طريقة تملقه اليها أمام والدتها وهمت لتعترض ولكن سماع صوت صياح أبيها الشديد جعل نجية تنتفض و تترك ما بيدها وهي تردف بعجالة ليمنى 

أبوكي باين عليه مضايق من صوته تعالي أكليه انت وأنا هروح أشوف أبوكي ماله وبيزعق كدة ليه

قالت نجية وخرجت مهرولة لزوجها لتترك يمنى دون استئذان ولا استماع اعتراضها مع هذا الأنسان المستفز وهو يرمقها الان باسترخاء فتحت يمنى فمها لتتحجج وتتركه ولكنها تذكرت مهنتها وقلبها لم يطاوعها.

أردف هو بلؤم

آسف تاني يا دكتورة أني هتعبك بس أنتي أعتبريني مريض عادي عشان تراعيني حتى لو كنت مچرم زي ما انتي شيفاني !

الفصل الخامس

وفي مكان اخر قصر كبير يتوسط مساحة هائلة من الخضرة يحاوطه سور خرساني تتدلى فوقه الى الخارج أغصان الشجيرات الكبيرة والمعمرة وفي الداخل المبنى العمراني الكلاسيكي يشهد على ثراء العائلة الفاحش وأصولها التاريخية كان ممتلئ القصر على اخره بأفواج المعزين من أهل القرية الفقراء منهم والأغنياء من جميع الطبقات و رجال غرباء من جميع القرى المجاورة بالإضافة الى مجموعة كبيرة من الشخصيات المهمة والمسؤلين أتت من عدة محافظات وأماكن معروفة في الدولة فالمتوفى ليس شخص عادي كأي شخص المتوفى كان في فترة قريبة من الزمن يحتل كرسي النائب عن الدائرة لعدد كبير من السنوات قبل أن يصيبه المړض ويتركها مضطرا لأكبر أبنائه وكأنه جزء من الميراث او شئ يخص العائلة . 

الصالة الكبيرة بالمنزل امتلأت بعدد كثير من النساء التي اتشحت ملابسها بالسواد أتين هنا أيضا لعزاء زوجة النائب السابق وام النائبالحالي ولكنها على غير المعروف لم



المطارد بقلم امل نصر



تكن موجودة في هذا الوقت لتتلقى العزاء مع بناتها ومعظم نساء العائلة من شقيقات وقريبات للعائلة العريقة بأصولها التي تمتد بجذورها الى الأسرة المالكة سابقا .

كانت المرأة موجودة بغرفتها بالطابق الثاني واقفة امام النافذة تنظر للمساحة الخضراء التي تملكها على مرمى البصر أمامها وحدها بعد ان أمرت الجميع بتركها والإنصراف كي تنفرد بنفسها وتستريح قليلا هذا إن استطاعت 

انتبهت على طرق خفيف على باب الغرفة فهتفت غاضبة

انا مش قولت عايزة اقعد لوحدي ومشعايزة اشوف حد .

وصلها الصوت الرجولي 

دا انا يأمي مش حد غريب ممكن ادخل لو تسمحي .

اتفضل ياولدي ادخل.

سمحت له بالدخول وهي تتحرك من امام النافذة لتجلس بأحدى اركان الغرفة الواسعة أشارت له بالجلوس معها فور ان دلف اليها وسألته 

ها ايه الاخبار 

أجابها بإرهاق 

الحمد لله اليوم عدى على خير رغم اني اتقطم وسطى ومابقتش حاسس بضهرى ولا رجلي من كتر الوقفة والتعب في استقبال العزا الناس اللي جات ماليها عدد دا غير الوزراء والمحافظين واصحاب المرحوم من النواب السابقين والحالين .

أؤمت برأسها تسأله 

واجواز اخواتك كانوا واقفين معاك زين ولا استهبلوا زي عادتهم 

اجابها بدهشة 

اهم دول بقى النهاردة كانوا واقفين معايا زي الساعة ومقصروش عني لحظة وعيال اعمامي وعماتي كمان مافيش واحد فيهم غاب .

بشبه ابتسامة ساخرة ردت على كلماته 

فرحانين بقى حقهم ماهم اخيرا هايورثوا بعد اللي كان واقفلهم فيها زي اللقمة في الزور.

اومأ برأسه صامتا فسألته والدته 

وعملت ايه في الموضوع اياه 

تحركت رأسه بيأس وقال 

للأسف اختفى زي الزئبق وماحدش عرف يجيب خيط واحد يعرفنا مكانه .

كيف انا اللي اعرفه ان الرجالة حراس ابوك اصابوا كتفه بطلقة من مسداستهم يعني اكيد راح مستشفى ولاحتى عيادة. 

دورنا في كل مستشفيات المحافظة والوحدات الصحية في القرى القريبة مافيش مخلوق دخل بالأسم ده عنديهم وحتى في العيادات المعروفة فبرضوا الرجالة راحو وسألوا فيها ومافيش نتيجة.

شددت نحوه قائلة بصرامة

لازم تلاقيه ياعثمان مهما اختفى لازم تعرف طريقه 

اومأ لها يرد 

ماتقلقيش ياامي احنا بندور في كل حتة وخليكي مطمنة اننا هانعثر عليه ومهما كان ذكائه اكيد في يوم هايجيلنا برجليه في الاخر عشان يشوفها ولا انت نسيتي بقى انها معانا في نفس البيت بعد ماطلعناها من المستشفى



بعد أن خرجت نجية مهرولة من الغرفة تلبية لنداء زوجها الذي كان يهتف عليها خارج الغرفة وقد أمرت يمنى بمساعدة صالح وإطعامه ظلت يمنى متسمرة محلها لعدة دقائق وهي تنظر في أثرها مصډومة ومع سماعها لكلماته ازداد حنقها منه ومن خبثه 

أما هو فكان ينظر إليها بتسلية وابتسامة جانبية في انتظار رد فعلها وهي في صراع مع نفسها بين ضميرها المهني وبين امتعاضها من هذا الرجل واستفزازه لها زفرت للمرة الألف ثم أجمعت أمرها أن تعامله مثلما قال كأنه مريض عادي

ثم مالبث أن يتخلى عن بروده قليلا وفاجأها بسؤاله 

أنتى شوفتيني فين سابق عشان ترسمي عنيا بالمظبوط كده

قطبت حاجبيها في البداية ثم زفرت متأففة تجيبه بسأم 

أنت برضو هتجيب سيرة الرسمة ياسيدي أنا أول مرة أشوفك كانت أمبارح.

يعني لحقتي في الوقت القليل ده ترسميني!

سأل بتركيز معها تركت هي ما بيدها تستغفر ربها قبل أن تردف بتعب 

ياسيدي وأنت مين قالك إن دي عيونك بس!

اجابها بثقة 

انتي! بارتباكك ده ! دا غير أني مش تايه عن تفاصيل وشي يعني !

ذامت شفتيها غيظا من اصراره عليها فقررت أن تغير دفة الحديث وتسأل هي ايضا! 

طب قولي أنت الأول أنت من بلدنا ولا غريب

ضيق عينيه بتفكير ثم ابتسم قائلا

يعنى بتردي السؤال بسؤال ماشي ياستي أنا هجاوب على سؤالك بس على شرط تجاوبي أنتى على سؤالي كمان.

نظرت اليه بتوجس وهي صامتة وهي لم تقرر بعد الإجابة عن سؤاله فأكمل هو

هعتبر السكوت علامة الرضا وابتدي أنا بالإجابة وأقولك أنا فعلا غريب عن بلدكم .

ولما أنت غريب عرفتني إزاي 

سألت وأجاب هو على الفور 

بلدكم صغيرة قوي والناس فيها على قد حالها وتقريبا كلهم عرفينك وبيشهدوا بشطارتك.

ودا يديك الحق أنك تخطفني

قالت بقوة فاجأته فأخفض عينيه وظهر جليا على وجهه التوتر قبل أن يردف بخزي 

عندك حق في كلامك بس أنا وضعي مش عادى عشان أجري على أى مستشفى حكومي ولا حتى أروح لدكتور عادي ويعلم الله أني كنت هرجعك تاني من غير أذيه.

تبسمت بزواية فمها ساخرة وهي تهز راسها يأسا 

كنت هاترجعني! ودا لو حصل فعلا ورجعت سليمة زي مابتقول كنت هاسلم انا ساعتها من كلام الناس وظنهم فيا بعد ما اطلع الجبل مش بقولك بتتكلم ببساطة في حاجة كبيرة زي دي.

صمت متنهدا يشيح بعيناه عنها فقد لجمته بتقريعها الغير مباشر وهو يعلم تمام العلم ان معها كل الحق هو نفسه لايدري كيف صدر منه هذا الفعل في لحظة ضغف لم يحسب حسابها .

حينما ظل صامتا ولم يرد تجرأت هي فسألته 

طب هو أنت ليه وضعك مش عادي صحيح هو أنت عملت ايه بالظبط

عاد اليها بعيناه المشټعلة بنظرة مخيفة فقال پغضب

وأنت يخصك ايه باللى بعمله وانت مالك اصلا عشان تسألي سؤال زي ده

احرجتها حدته المفرطة والمفاجئة لها فهمت بالاستئذان وهي ترفع الأكل المتبقي لتخرج لكنه أوقفها قائلا بخشونة 

الدور عليكى عشان تجاوبي ولا أنت نسيتي اتفاقنا ولا ايه

سأمت السؤال والتكرار فأردفت سريعا كي تنهي التحقيق

لقيت نفسي فاضية ياسيدي فرسمت عيونك وانت نايم استريحت بقى.

كدابه!

قال بقوة وعينيه في عينيها وأكمل 

أولا الصورة دي محتاجة وقت وأعصاب هاديه عشان تطلع مرسومة بدقة اللي شوفتها وأنتي حسب ما سمعت من الوالدة أن طلع عينك امبارح مع والدك وأنتوا بتخرجوا الطلقة من كتفي وتطهروا الچرح اللى في رأسي .

ثانيا واضح قوي أنك مبتعرفيش تكدبي لأنك بريئة جدا. وأنا راجل وبعرف أميز الكويس والۏحش.

خاطبته قائلة برجاء 

انا تعبت جدا على فكرة من إصرارك العجيب ده فممكن يعني تعفيني من الإجابة

بشرط تجاوبيني بعد كده

قال وأومات هي برأسها موافقة ثم همت ترفع صنية الطعام من امامه وقبل أن تخرج من الغرفة توقفت تخبره

ثوانى هرجع وأديك علاجك عشان تريح جسمك وتنام تاني.

أومأ بجفنيه وتركها تذهب من أمامه ليتمتم مع نفسه بعد ذلك وهو ينظر للباب الذي صفقته من ثواني قليلة 

هو انتي ايه حكايتك معايا بالظبط

أنا كان مالي بس بالمصاېب


المطارد بقلم امل نصر



دي هو انا مكفي عيالي وكل وشرب عشان اجيب لنفسي كمان نصيبة توديني في داهية هو انا حمل جرجرة في البوليس ولابهدلة الحكومة لو جات رجليا مع البلوة اللي جوا ده لكن اعمل ايه أنت السبب أنت وبنتك إللي أصريتوا تعالجوه وبينها هتطربق فوق رأسنا كلنا.

حاولت التحدث بهدوء حتى لاثتير غضبه اكثر 

طب وأيه إللى جد بس يا أبو محمد ما أحنا عارفين إللي فيها من الأول وقولنا عليه روح وهناخد فيه ثواب لما نعالجه.

اللى جد ياناصحة أنه مطلعش حرامي زى ماكنت فاكر لأن أهل البلد أكدولي إن مافيش بهيمة اتسرقت والكل بيتكلم على ضړب الڼار وبيقول أنه أكيد قتل يعنى مش بعيد يكون اللى قاعد جوا دلوقتي في أوضة ابنك الصغير سفاح ولا عليه طار كبير.

نجية وهي تلوح بيدها فى الهواء 

ماتقولش كده بس ياراجل وتفول بالعفش هو انت خلاص اتأكدت ولا عرفت عشان تشيل الهم وتحسب حساب النصايب الشړ بره وبعيد .

جز على اسنانه غيظا من هدوئها لا يدري ماذا يفعل معها كي يصلها ما برأسه وتعلم بكم الافكار السيئة التي تلاحقه دون توقف وقلبه يكاد ان يتوقف خوفا من القادم تنهد بعمق وهو يستقيم بظهره ويبتعد عنها حتى نزل بثقله على طرف السرير فجلس مطرقا رأسه التي وضع كفيه عليها وخرج صوته المبحوح من فرط مايشعر به 

شړ أيه بس اللي بره وبعيد! دا بينا فى بيتنا وأحنا مش حاسين انا كان مستخبيلي دا كله فين وعقلي كان فين بس لما تبعتكم وماتعبتس يونس اللي فهم من الأول وعرف استرها معايا يارب دا انا ماليش غيرك يارب.

أنت مين

قالها محمد أصغر أفراد الأسرة لصالح الذي تفاجأ بدخوله الغرفة دون إستئذان فرد عليه غير مبالي

وأنت مالك

قال محمد پغضب طفولي 

ازاى يعني أنا مالي وأنت نايم في أوضتي وعلى سريري! 

رد صالح بابتسامة 

فى أوضتك وعلى سريرك كمان معلش ياباشا ان كنت قليت راحتك بس انت مقولتليش هو انت على كده بتنام فين دلوقت!

قال محمد بسخط 

انا كنت نايم الليلة اللي فاتت هنا وعلى سريري ده وصحيت لقيت نفسي نايم في أوضة أختي يمنى وأنا راجل يعني ماينفعش أنام غير لوحدي.

ازداد اتساع ابسامة صالح وهو يردف اليه

عندك حق أنت ماينفعش تنام في أوضة البنات تعالى ونام جمبى عالسرير.

رمقه بنظرة متفحصة في البداية على رأسه المصاپة ثم ذراعه الملتف بالأربطة الطبية ثم وجهه قبل أن يرد 

أنام ازاى جمبك وأنت متربط رأس وكتف دا أنت باينك دخلت عركة واطحنت فيها.



هههههه

خرجت من صالح دون إرادته لتزيد من الام رأسه وېصرخ 

اااه اااه.

قال محمد بعفوية

رأسك بټوجعك ومش متحمل حتى ضحكة دا أنت عطلان خالص ياراجل.

تكلم صالح بصوت ضعيف وهو يحاول السيطرة على ضحكته 

يخربيتك دا أنت سكر بس أنا مش حملك دلوقتي .

تقدم نحوه محمد ليقف امامه متسائلا متفحصا هيئته

طب اسمك ايه عشان اعرف 

اسمي صالح وانت 

قال ورد الاخر معرفا نفسه بكل فخر 

انا بقى اسمي محمد عندي تسع سنين وفي تالتة ابتدائي يعني شهادة .

ضحك بخفة قائلا

بس انت قصير قوي واللي يشوفك مايدكاش اكتر من ست سنين .

صك على فكه محمد بغيظ قائلا 

ماتقولش عليا قصير انا لسة صغير وجسمي هايفرد لما اكبر امي بتقولي اني طالع شبه خالي حسن كان قصير هو كمان لكن اول مابقى وصل ل١٧ سنة جسده شب مرة واحدة وبجى طول الباب ده .

نظر نحو الباب كابتا ضحكته

يعني انت عامل حسابك لما تكبر انت كمان وتوصل ل١٧ سنة جسمك هايبقى طول الباب ده.

رد بدفاعية محببه

ايوة هابقى طول الباب ده عندك اعتراض ولا عشان ما انت طويل عايز تتريق الا قولي صح هي امك كانت بتوكلك ايه وانت صغير عشان تبقى بالطول ده 

ضغط على شفتيه كابتا ضحكه من قلبه بصعوبة خصوصا مع هذا الالم الرهيب برأسه مع اهتزازه هذا الطفل بعفويته البريئة وخفة دمه سوف ېقتله حقا

هدر عليه محمد بغيظ 

بطل ضحك بقى هو انا بقول نكتة 

هز نافيا وهو يجاهد حتى لا ينفجر من الضحك امامه ولكنه اجفل فجاة على فتح الباب وصوت جهوري يهدر على الطفل 

أطلع بره أنت يامحمد.

قال سالم وهو يدلف لداخل الغرفة ولكن الطفل اعترض بعناد

وأطلع ليه بقى وهي اوضتي من الأساس يعني مش اؤضته هو.

رمقه ابيه بنظرة متوعدة ثم أردف بصرامة

بقولك اطلع بره يامحمد أنا مش ناقصك ..

ذم محمد شفتيه ثم خرج على مضض خوفا من ابيه ليلتفت بعدها سالم بوجه متجهم لصالح ويسأله

أنت عامل أيه النهاردة.

كويس والحمد لله أنا بشكرك جدا عشان المعروف اللى عملته معايا و.....

قال بخجل ولكن سالم قاطعه

متشكرنيش أنا عملت الواجب اللى يتعمل مع أي حد متصاب حتى لو كان وحش!

شعر بالحرج من صراحة سالم فأردف 

أنا عارف إنك زعلان من اللى عملته امبارح بس أنا كنت متصاب وعايز أى حد ينجدني ومفيش غير بنتك ممرضة في المنطقة دى القريبة من الجبل.

قال سالم وهو يجز على أسنانه

مافيش داعي تفتح في كلام صعب أنا سبحان من ومصبرني عليك حاليا.

كم ود لو انشقت الأرض وابتلعته من صراحة الرجل وكرمه أيضا أجلى حلقه ثم أردف 

متتعبش نفسك كتير أنا بس تيجى العشيه وهمشى على طول.

وأنت هتقدر تمشي ازاي وأنت مش قادر ترفع راسك حتى!

ما تشغلش نفسك أنت أنا اقدر أتحمل 

أنت مين وأيه حكايتك بالظبط

خرجت من سالم دون سابق انذار أجفلت صالح فلم يستطع الرد...

فاردف سالم بقلة حيله 

شكل موضوعك كبير قوي. وأحنا ربنا يسترها معانا ويعديها سلامات!

كان المساء قد حل حينما طرقت نجية على باب الغرفة الموجود بداخلها صالح فسمعته يسمح لها بالدخول بصوت مټألم فتحت باب الغرفة لتدلف فوجدته جالس على طرف الفراش مائلا وراسه واقعة على الوسادة ممسك بالقائم الخشب للسرير وصوت أنفاسه مسموعة وهي مختلطة بأنين وألم.. 

هتفت نجية بجزع وهي تخطوا نحوه بخطوات مسرعة

بسم الله الرحمن الرحيم مالك يابني وقاعد كده ليه

رد صالح بصوت مجهد وخارج بصعوبة 

معلش هاتعبك ياخالة لو قولتلك ساعديني عشان أقدر أقف وأقوم 

اقتربت منه تردد بحيرة وتشتت 

أساعدك ازاي يابني دا أنت مش قادر ترفع راسك عن المخدة بقى هتقدر تمشي ازاي بس

خرج منه أنين مكتوم قبل يردف بتصميم

ساعديني بس أنت أقوم وأنا هقدر أمشي بعدها.

همت لتساعده بالنهوض وامتدت يدها لتسنده ولكنه لم يتمكن حتى من الوقوف ونزل مضطرا على الفراش جالسا يئن پألم أكبر فصاحت نجية بضيق 

شوفت أهو بنفسك اديك مش قادر حتى تقف على حيلك يبقى هاتقدر تكمل وتمشي ازاي بقى

رفع أنظاره إليها ليردف بتصميم أكبر وهو يحاول للوقوف ثانية متحاملا على أوجاعه 

لا هقدر ولازم أقوم وامشي كمان  

قال الاخيرة وهو يسقط مرة



المطارد بقلم امل نصر



أخرى بمجرد رفع نفسه عن الفراش ولكنه لم ييأس وظل يكرر ذلك مرات أمامها متعمدا تجاهل أزدياد الامه الباديه بوضوح الشمس على وجهه وهي تهتف برجاء لإثناءه عن تكرار محاولاته التي كانت تصيبها هي بالإزعاح حتى يأست منه ومن توسلها الذي لا يؤثر على رأسه الحجري

لااا! أنت دماغك ناشفة خالص وانا تعبت من اللت والعجن معاك بعدم فايدة أنا رايحة أجيبلك حد يشوفك ولا يشوف طريقة توقفك.

قالتها نجية وهي تتركه مغادرة بيأس لخارج الغرفة.

وفى غرفة الفتيات كانت يمنى جالسة بجانب أخواتها سمر وندى اللاتي يصغرنها في العمر بعدد من السنين تشاهد معهن المسلسل العربي على التلفاز باندماج مع أبطاله والأحداث المتوالية فيه حتى أجفلت على سؤاله شقيقتها ندى التي يبدوا انها لم تكن متابعة معهم

عاملة ايه مع الراجل الغريب يا يمنى ولا هو نفسه بيعاملك كيف 

اللتفت اليها يمنى قاطبة الحاجبين باستفهام 

عاملة ايه في إيه بالظبط مش فاهمة السؤال انا !

تركت ندى المشاهدة والتفتت تعتدل بجذعها نحو يمنى تسألها باهتمام 

يعني مثلا أنتي مبتخافيش منه لما بتدخلي عليه اؤضته 

تركت يمنى مشاهدة المسلسل أيضا والتفتت تواجهها ناظرة اليه وردت بسؤال

وأخاف منه ليه بقى أنا واحدة ممرضة ودي شغلانتي اني اعالجه وهو مريض زي أي مريض في الدنيا هايعمل معايا آيه

ندى وهي تجحظ عيناها بدهشة

هاالهو نسيتي انه كان يخطفك حد عارف كان هايعمل ايه معاكي

شهقت سمر واضعة كفها على فمها اما يمنى فانغقد لسانها لعدة لحظات ناظرة پصدمة نحو شقيقتها التي تفوهت بالكلمات دون ان تعي بخطورتها حتى خرج صوتها اخيرا 

أحترمي نفسك يا ندى وفكري كويس في كلامك قبل ما تطلعيه من حنكك.

أردفت سمر هي الأخرى بملامح ممتعضة نحو شقيقتها 

سيبك منها يايخيتي دي باينها اټجننت ومعادتش فاهمة معنى للكلام اللي بتذلفه بلسانها

عوجت ندى زاوية فمها بإستنكار وهي ترمق الاثنتان بنظرات غير مبالية وقالت 

أنا برضوا اللى اټجننت عشان بسأل سؤال عادي زي ده ولا أنتوا اللى بتستهبلوا وعايزين تطلعوا نفسكم كويسين وبس على حسابي  

هتفت يمنى پغضب وقد اخرجتها شقيقتها عن طورها  

احنا برضوا بنستهبل يا ندى مش واخدة بالك انك مزوداها قوي معانا 



قالت سمر هى الأخرى 

لا هو أنت فاكرة ان كل الناس بقى زيك ياست ندى ولا إيه 

هتفت ندى وهى تضع يدها على خاصرها 

وأنا مالي بقى إن شاء الله يا ست سمر ايه العيب فيا ومش عاجبك

وشك مكشوف وجريئة وباين روحتك للمدرسة الفنية زي ما أثرت عليك في شكلك لما بقيتي تلبسي المحزق والملزق وتحطي على وشك المكياج الخفيف عشان يبان وشك وكأنه جمال طبيعي كمان اثرت على عقلك فبقيتي شايفة كل الناس ضميرها زفت.

اردفت بها سمر رغم صغر سنها الذي لا يتعدى السادسة عشر مما اثار حنق ندى التي تكبرها في العمر بسنتين فقالت غاضبة

وشى مكشوف وجريئة عشان بلبس على الموضة زي بنات المدينة لجل مابقاش اقل منهم الزمن بيتطور ياماما وحكاية عقلي فا انت عارفة كويس اني زكية وبفهمها وهي طايرة يعني مش غريبة عليك

هدرت يمنى عليها بعد ان فاض بها

. خلاص يا ندي فوضيها سيرة بقى وبطلي تفرضي علينا وجهة نظرك احنا فاهمين كل حاجة وكل اللي تقصديه كمان بس دا مايمنعش اننا ناخد بالنا من الكلمة اللي بتطلع مننا وان كان على الراجل اللي بتتكلمى عليه 

فهو كان غرضه العلاج والطلقه اللي ف كتفه تطلع منه يعني مافيش داعي لتحليلات وتكهنات مالهاش محل من الإعراب. 

صمتت ندى وهي تتبادل النظر بلا مبالاة نحو شقيقاتها الغاضبات ثم مالبثت ان تردف باقتضاب 

ماشي بقى انتوا أحرار واعملوا ما بدالكم.

قالتها بكل برود وهي تهز أكتافها لتلتفت مرة أخرى لمشاهدة التلفاز غير مبالية لڠضب الفتاتنين المذهولتين من طريقتها في فتح النقاش ثم غلقه بمنتهى السهولة وكأن شيئا لم يكن أخرجهم من شرودهم فتح باب الغرفة عليهم دون استئذان لتدلف والدتهم فجأة لداخل الغرفة سائلة بعجل  

ابوكم راح فين يابنات حد منكم عارف هو قاعد فين دلوقت 

ردت عليها سمر. 

انا شوفت ابويا من نص ساعة وهو طالع فوق عالسطح تلاقيه بيتسامر مع عمى يونس كعادتهم ماانت عارفهم.

أمرتها نجيه قائلة بلهفة 

طب اطلعي حالا وروحى اندهيلوا بسرعة وقوليلوا امى عايزاك تنزلها ضروري فاهمة

فاهمة يااما فاهمة 

قالتها سمر وهي تنهض على الفور تنفيذا لطلب والدتها دون التفوه باستفسار لم تقدر على كبته يمنى التي تقدمت الى والدتها تسألها 

مالك ياما شكلك مايطمنش و عايزه ابويا في إيه بالظبط هو حصل حاجة

يابنتى الجدع ده اللي اسمه صالح مصمم انه يمشي وهو مش قادر يصلب طوله ولا يقوم من مكانه. 

اردفت بها نجية بتوتر وخرج رد يمنى بذهول 

يمشي ازاي دا مابيقدرش حتى يحرك راسه يبقى هايمشي ازاي بس تعالي معايا يا اما هانروح نشوفه انا وانت علي ماينزل ابويا. 

أوقفتهم ندى قبل أن يخرجوا من الغرفة قائلة 

ماتسيبوه يمشي مش يمكن يقدرخليه يحل عنينا بقى احنا مش ناقصين نصايب.

خاطبتها نجية بحدة قائلة

نصايب ايه يابت دلوقتي كمان هو انت ناوية تعملي كمان زي عمك يونس

وماله بقى عمي يونس يااما ماهو بيقول الصح الراجل اللي جوا ده قعدته في البيت هنا معانا ممكن تجيب فوق راسنا مصايب وبلاوي احنا في غنى عنها.

اردفت ندى فأثارت الڠضب لدى والدتها التي همت لترد بكلمات تنهرها بها ولكن يمنى اوقفتها

سيبك منها ياما وخلينا نروح نشوف الراجل التعبان جوا لا تجراله حاحة من الحركة العڼيفة

اومأت لها نجية مقتنعة وهي ترتد عائدة معها للخروج من الغرفة فسمعوا خلفهم ندى 

اللحقوه اللحقوه امال لو مكانش راجل سوابق ووش اجرام كنتوا عملتوا ايه بس 

اللتفت رؤسهم نحوها الإثنتان بنظرات ممتلئة العتب قبل أن يتخذوا قرارهم بالتجاهل وعدم الرد عليها ثم خرجوا على الفور 

لعلمهم جيد انه لا فائدة من الجدال معها. 

دلفت يمنى مع والدتها نجيه لتجده مازال يحاول الوقوف وقد تمكن منه الأجهاد والألم وشحب وجهه بدرجة مخيفة صوت انفاسه الحادة وتعرق بشرته البرونزية مع تغضن ملامح وجهه وهو يضغط بكفاح أظهروا جميعهم مدى حجم الألم الذي يشعر به اقتربت منه يمنى تستوقفه 

بيدها على تردد وخجل 

براحة شوية على نفسك حضرتك انت كده بعمايلك دي بټأذى نفسك! 

رفع انظاره اليها يردف بصوت ضعيف وبالكاد مسموع 

ساعدوني اقوم انا حاسس انىةي هاقدر اكمل وامشي. 

سألته نجيج بلوم وعتاب 

يابنى انت ليه راسك ناشفه كده هو احنا قصرنا معاك في حاجة  

برقت عيناه تأثرا بكلمات المرأة الطيبة وهي تتكلم بمودة وكأنها نست فعله معهم في الأمس اسبل جفنيه خجلا قبل ان يهم ثانية برفع نفسه ويطلب برجاء 

ابوس ايديكم سيبوني امشي انا مااستهالش منكم الكرم دا كله 

كفايه بقى لحد كده. 

ويعنى احنا اللي ماسكين فيك! 

قالها سالم وهو يدلف لداخل الغرفة ثم اكمل بعدها  




المطارد بقلم امل نصر



بس انت اصلب طولك الأول وبعدها انا بنفسي اللي هاقولك امشي 

رد صالح 

عمي سالم انت راجل واشد منهم ساعدنيداقف على رجلي واحاول عشان اقدر امشي ياجماعة انا بطلب منكم بس تساعدوني ممكن

أساعدك انا.

الټفت انظار الثلاثة نحو الذي تفوه بها ومنهم صالح الذي نظر للواقف على الباب امامه ليساله بدهشة 

انت مين 

يونس وهو يتقدم لداخل الغرفة 

انا اخو سالم واسمى يونس وانا شباب زى ما انت شايف كدة يعنى عودي اشد منهم كلهم وانا اللي هاقدر اساعدك. 

قالها يونس وهو يتقدم بخطواته دون انتظار الجواب من صالح امام نظرات اخيه وزوجته وبنت اخيه المعترضه ودهشة صالح التى ازدادت اكثر حينما لف يونس زراعيه على خصره بقوة ليوقفه على أقدامه المرتخية ثم يسير به عنوة.. 

دارت الأرض بصالح الذي ازدادت الام رأسه أضعاف حتى فقد القدرة على الشعور واسودت الدنيا بعيناه وقبل ان يخطوا خطوتين وقع ارضا مغشيا عليه فلم يسمع صرخات يمنى ووالدتها. 

زفر يونس بتأفف وهو يسب ويلعن حظه بغيظ ليفاجأ بأخيه سالم وهو يصيح عليه من الأسفل پغضب. 

شيل معايا يا يونس بدل ما انت واقف كده. 

نظر اليه يونس من علو ليجد اخيه يتحامل مع زوجته وابنته ليرفعوا صالح عن الارض فاردف وهو يجز على اسنانه 

بس لو كان اتحامل على نفسه دقيقتين بس على ماكنت طلعتوا من عتبة الباب وبعدها يغور في اى مصېبه 

هدر سالم عليه پغضب ونفاذ صبر 

ماتخلص يا يونس مش وقت كلامك ده الراجل تقيل والحريم مش قادره تشيل معايا. 

زفر ثانية قبل ان يهم بمساعدة اخيه في رفع صالح واعادته الى فراشه ثانية امام نظرات نجيه المشفقة وشعور يمنى بهذه القبضة المؤلمة بداخل صدرها دون أن تعلم لها سبب! 

دا انا كنت خلاص هاطلع بيه وبعدها ارميه في اى حته ونخلص منه ومن قرفه مكانش قادر يتحمل يعني الخطوتين الصغيرين دول ولا اكنه بيستهبل ابن ال.... ولا استحلى القعدة والناس تخدم عليه وتعالجه ابن الفرطوس ده أكيد بيمثل انا متأكد . 

فاض بيمنى التي لم تقوى على السكوت اكثر من ذلك فهتفت على عمها بانفعال 

هايستهبل ولا يمثل كيف بس ياعمى دا المخ اللي اټصاب ودا الجزء المسيطر على كل أجهزة الجسم يعنى لو هو في مستشفى حاليا كان اتعملوا اشعه عشان تبين ان كان عنده ارتجاج ولا حاجه تانية اكبر من كدة. 



لو في المستشفى يابت سالم لكن هو قاعد هنا في بيتنا وكاتم على نفسنا وجابرنا بالعافية اننا نراعيه ونداويه.

اردف بها يونس فردت يمنى 

بالجبر ولا بالذوق في الحالتين نشد على الراجل في حالته الصعبة دي وهو مسكين ماقدرش يصلب طوله حتى.

اللتفتت لها يونس مائلا برقبته يتكلم بنبرة متهكمة 

افندم ياست يمنى انت بتلقحي عليا بالكلام وعايزة تجبيها فيا وتطلعيني انا العفش بعد دا كله طب افتكري حتى ان لولايا انا بس كان زمان اللي بتقولي عليه مسكين جوا ده خطڤك في الجبل عنده وياعالم كان هايحصل ايه ساعتها.

ماخلاص فوضها بقى يايونس.

صاح بها سالم في پغضب مقاطعا أخيه بحدة واكمل ببعض التعقل

يمنى لا بتجيب ولا بتودى في الحديت ولا تقصد انها تلقح عليك هى بتقول اللي حاصل وانت شوفت بعينك كيف الراجل حاول وضغط على نقسه وماقدرش يكمل لحد اما وقع سطيحه على الارض وماحاطش منطق.

تدخلت نجية بالحديث معهم قائلة بتأثر وحزن 

ايو والنبي صح يا ابو محمد دا انا قلبي وجعني لما شوفته مرمي على الأرض بلا حول ولا قوة .

يونس مستنكر ا  

قلبك وجعك برضوا يامرة اخوي! طب اللي بتتكلمي عليه ده وصعبان عليكي مش بعيد لو هو بصحته دلوقتي لكان قطعنا احنا حتت ولا اثرنا فيه نهائي! 

فغرت يمنى فاهاها قائلة باندهاش  

مش لدرجادي ياعمي

اوما يونس برأسه ساخر ا 

لا لدرجادي ياروح عمك واكتر من كده كمان بس انتوا اللي مش عايزين تصدقوا وسادين ودانكم رغم انكم عارفين ومتأكدين انه راجل مچرم ومش بعيد عليه يعمل أكتر من كدة كمان . 

صاح سالم بملل من مواصلة حديثهم

ماتخلصوا انتو الاتنين وفضوها الواحد مافيهوش دماغ للهرى 

بتاعكم ده. 

طب انت رسيت على ايه في النصيبة اللي احنا موحولين فيها دلوقتي دي

سأل يونس بصوت متزن بعد الشئ وكان رد أخيه سالم بصوت يحمل في طياته الهم 

ودى فيها قرار برضوا احنا هانستنى بس يقوم على حيله وبعدها بقى نبقى نمشيه على طول. 

رجع يونس بظهره للمقعد وهو يردف بضيق 

ماشى يااخويا خليك انت بقلبك الحنين ده لحد اما يقوم هو بصحته ويخلص علينا أو نتورط معاه في نصيبة هو عاملها .

نفض سالم جلبابه متأفافا وهو يميل بجلسته للجانب الاخر بعيدا عن أخيه وقد مل الجدال معه في هذا الأمر الثقيل على قلبه ولكنه مضطر لفعل ما ضد رغبته في تحمل هذا الرجل حتى يستطيع أن يرحل ويريحه من همه.

الفصل السادس بقلم امل نصر 

في اليوم التالي .

خارج جدران المدرسة الفنية وبعد أنتهاء اليوم الدراسي خرجت ندى ومجموعة من الطالبات زميلاتها من أهل المدينة وصوت ضحكاتهن يصدر مع كل همسة تهمسها واحدة منهن فيلفتن انظار البشر حولهن مع مايرتدينه من ملابس مدرسية لكن مجسمة على تفاصيل أجسادهن الغضة الصغيرة مستمدين الثقة من أنفسهن بأسلوب تتبعه عدة فتيات في مثل أعمارهن للفت الانتباه اليهن بالإضافة للحرية التي يكفلها هذا السن والعالم الوردي الذي يعشن فيه قبل أن يصطدمن بالواقع ندى كمعظم الفتيات القرويات الاتي يدرسن في التعليم الفني دائما مايكن اقصى أحلامهم في هذه الفترة المدرسية هو الزواج سريعا في هذا السن الصغير فهي لم تكن متفوقة في الدراسة كأخواتها يمنى و سمر بهرتها حياة المدينة وتصرفات الفتيات زميلاتها في المدرسة فا أصبحت تقلدهن في كل شئ طريقتهم في الحديث وارتداء الملابس والتزين بحرفية. حديثهم المسلي عن الشباب وقصص العشاق كانت تتشارك معهن الحديث هي ايصا عن الفتى الذي يقف لها دائما في شرفته كي يراقبها في رحلة الذهاب والإياب الى المدرسة والذي غالبا ماتجده في هذا الوقت ولكن للعجب لاول مرة لم تراه اليوم في شرفته اكملت طريقها معهن هذه المرة دون ان تجد تسليتها ككل يوم ولكن حينما تركت الفتيات لتستقل سيارة اجرة توصلها الى موقف المحافظة العمومي حتى تستطيع استقلال احدى وسائل المواصلات التي توصلها لقريتها وزميلاتها من فتيات المدينة يكملن طريقهم بالسير على اقدامهم حتى منازلهم كانت لاول مرة تشعر ندى بمن يراقبها وخطوات تتبع خطواتها في البداية شعرت بالخۏف ولكن حينما الټفت برأسها ورأت من يتبعها وهذه الأعين المعلقة بها فعلمت انه نفس الشاب الذي يقف لها بالشرفة قطبت قليلا ثم هدأ التوتر 

لديها قليلا فهيئته لا تظهر انه خطړ


المطارد بقلم امل نصر



او شخص مريض حينما اعتلت ندى السيارة الأجرة الخاصة بقريتهم فوجدته يلحقها أيضا عاد اليها الخۏف ولكنها ذكرت نفسها بانها محاطة بعدد كبير من اهل قريتها في السيارة ولكن مع تحديقه بها لفت انتبهاها همسه مع أحد الرجال الذي الټفت عيناه نحوها أصبح خۏفها يشوبه التوتر خصوصا مع ابتساماتهم وغمغماتهم بكلمات لا تصل اليها حتى تفاجأت بإحدى النسوة تلكزها بخفة ثم تغمز لها بمكر هامسة 

واخدة بالك !

قالت ندى بعدم فهم للمرأة

واخدة بالي من إيه انا مش فاهمة .

تبسمت المرأة وهي تقترب منها توشوش لها في أذنها

يابت ياخايبة مش شايفة الجدع الحليوة ده وهو بيسأل ويشاور عليك للراجل الكبير اللي جمبه ده. دا الجواب باين من عنوانه ومش محتاجة زكاوة

رمقت ندى الرجلين بنظرة سريعة قبل أن تعود للمرأة تسألها باستفسار

جواب ايه اللي باين من عنوانه ياخالة عشان انا مش فاهمة حاجة ياخالة .

تفاجأت بلكزة أخرى من المرأة الغريبة لتردف بابتسامة متسعة وتصنع للخجل 

يابت افهميبقى دا باينه عريس وعجبتيه وبيسأل عليكي عشان يعرف انت مين .

رغم امتعاضها من المرأة المتطفلة لكنها لاتنكر الزهو او السعادة التي شعرت بها ولكنها فضلت الا تعطي للمرأة رد فعل على كلماتها والټفت تنظر للفتى جيدا بخبث قبل أن تعود لوضعها وكأنها لاتعلم شيئا ولكنها انتفضت مجفلة على لكزة أشد قوة من المرأة وتسألها بسماجة 

صح ماقولتليش ياعسل انت بت مين في البلد وامك اسمها إيه يمكن اعرفها!!

بعد أسبوع

طرقت يمنى على باب الغرفة قبل ان تدلف للداخل حاملة على يديها الاثتنان صنية الطعام وجدته مستيقظ وهو يحاول أن يعتدل بجزعه على الفراش بصعوبه وبطء القت عليه التحية 

صباح الخير. 

ردد خلفها التحية وهو يراقبها تضع الصنية على الطاوله قبل ان تقربها اليه وهى تساله

عامل ايه النهاردة كويس الچرح اللي في راسك ولا التاني اللي في كتفك 

تبسم اليها بإشراق وهو يرد عليها 

الحمدلله ياستي الچرح اللي في كتفي حاسه ابتدى يلم والألم اللي فيه تقريبا اختفى أما بقى في موضوع راسي فاانا دلوقت رغم الۏجع والدوخة اللي فيها لكن احسن من الأول بكتير على الأقل بقيت قادر احركها حتى لو بالبطئ بس فيه تقدم وطبعا البركة فيكي

تورد وجهها خجلا وهي ترد عليه 

البركة فيا على ايه بس دي جات كدة معايا صدفة لما اديتك من العلاج اللي بياخدوه المړض اللي زى حالتك والحمد انه جاب نتيجة كنت خاېفة قوى ال ماينفعش معاك. 

خۏفتي عليا

قال بابتسامة متسعة زادت من خجلها اكثر فاتجهت لتغير مجرى



الحديث كعادتها في هذا المواقف فخرج صوتها بارتباك

اا انا جيبتلك الفطار اهو هاتقدر تفطر بيدك بقى والا افطرك بنفسي

انتعش بداخله من طريقتها في التهرب من مداعبة بريئة معها ود لو يكمل ولكنه لم يرد زيادة خجلها فقال 

لا كفايه بقى لحد كدة بقالكم كام يوم انت والحاجة معذبكم معايا اكل وشرب ومراعية وعلاج دا انا وشي بقى في الأرض منكم انت بس حطي الصنية على الفرشة جمبى عشان تبقى اقرب ليا وانا بإذن هاقدر اكل من غير مساعدة. 

فعلت ما طلبه منها وأكملت وهي تقرب الصنية منه 

طيب بقى لو لقيت صعوبة ماتتكسفش وانده على واحدة فينا وانا بعد ماتخلص ان شاء الله هاديك علاجك همت للذهاب ولكنه بمجرد أن استدارات عنه اوقفها قبل ان تكمل للخروج من الغرفة هاتفا باسمها

يمنى! 

التفتت اليه برأسها ناظرة باستفسار فتابع قائلا 

ممكن قبل ماتطلعي المرة دي تجاوبيني على سؤالي

الټفت بكليتها وارتسمت الحيرة على وجهها تساله

سؤال ايه بالظبط اللي عايزني أجاوبك عليه

مش هاتقوليلي بقى ازاى رسمتى عيونى من غير ماتشوفينى

وقفت أمامه مترددة وهي تريد التنصل من أجابته وهو شعر بذلك فكرر السؤال مرة اخرى بترجي 

ارجوكى يا يمنى جاوبيني وريحي قلبى! 

خرج صوتها المتردد 

ماشي هاجاوبك بس بشرط ماتضحكش عليا ولا تفتكرني بأللف واحور عليك.

رد صالح بصدق ظهر جليا بعينيه 

ابدا يا يمنى مش هاضحك عليك ولو قولتي اي حاجة هاصدقك! 

وكأنه سحرها بصدقه فجاوبته على الفور دون تأخير

في الحلم . 

في الحلم! 

قال بدهشة أصابته من اجابتها وهي اكملت 

كنت دايما بشوف راجل بملامح مش واضح فيها غير عنيه بس وهي اللي اتكررت معايا بكذا حلم بنفس الوضوح والراجل ده.. يااما تعبان يااما في ضيقة يااما بيطلب مني مساعدة! وفي 

كل مره اصحى من النوم ونظرة العنين دى ماتفرقنيش نهائي

برقت عيناه ولمعت امامها دون ان ينطق ببنت شفاه فسألته 

إيه مالك ساكت كدة ليه ومسهم 

أجابها صالح بصوت متحرشج من ثقل مايشعر به 

عشان انا فعلا كنت في ضيقه وتعبان وربنا بس اللي عالم بسري انت بقى عرفتي منين! 

أجفلتها كلماته فطرقت برأسها تتهرب بعيناها منه كالعادة بتوتر ثم ما لبثت ان ترتد بأقدامها للخلف وهي تستأذنه للخروج 

طب اسيبك انا بقى دلوقت تفطر وبعد شوية ان شاء الله هارجعلك بالعلاج عن اذنك! 

قالت ثم خرجت بسرعة من أمامه لتتركه في حيرة من امره وهو يعيد رأسه للخلف بشرد ناظر ا لسقف الغرفة ويتنفس بخشونه ليطلق اخيرا العنان لهذه الدمعات الحبيسة بداخل حدقتيه لايدري سببا لهم او يدري فقد وجد اخيرا من يشعر بجرحه الغائر والامه التي حبس عليها داخل صدره منذ سنوات غير قادر على البوح بها أمام مخلوق من البشر.

دلفت يمنى لداخل غرفتها سريعا وغلقت الباب خلفها لتجلس على طرف الفراش شاردة ماحدث معها منذ قليل وهذه الأشياء العجيبة التي تشعر وكأنها تربطها بهذا الشخص الغريب تنفست بعمق وهي تحرك رأسها كي تنفض عنها هذه الأفكار الغريبة وتحول مشاعرها اتجاهه من كره الى أشياء اخرى لا تجد لها تفسير هي لابد انها شعرت بالتعاطف نحوه ولكن حتى هذا التعاطف لا يجوز مع رجل مثله ليس لديها معرفة بكم الچرائم التي ارتكبها ولكن لما تشعر باالألفة بوجوده وكأنها تعرفه منذ زمن طويل!! 

مسحت بكف يدها على جانب وجهها بتعب وهي تخبر نفسها كي تفيق 

اصحي يا يمنى وفوقي كدة بلاش الإحلام العبيطة دى بتاعتك ولا انتي باين قراية الرويات اثرت على مخك ونستك الواقع اللي احنا عايشينه اصحي يايمنى وفوقي .

ظلت ترددها حتى أجفلت على طرق باب الغرفة ووالدتها تستأذن كي تدلف لداخل الغرفة اليها.

بعد قليل كانت نجية جالسة بجانب يمنى على طرف الفراش بصمت وملامح وجهها تعبر بوضوح ان بداخلها كلام رمقتها يمنى بريبه تسألها

عايزه ايه ياامى.. في حاجة صح!. قولي ماتتكسفيش قولي .

نظرت اليها نجية بتفحص وهى ترجع بأناملها بعض الخصلات 

المتمردة من شعر يمنى لخلف اذنها والأخرى تنظر اليهل بترقب في انتظار ماستخبرها به ثم ما لبثت ان تتحدث كي تخرج ما بجعبتها 

عندي ليكي خبر حلو وان شاء الله توافقي عليه عشان نعجل على طول ومانستناش اكتر من كدة 

ماتستانيش ايه وخبر ايه بالظبط اللي انت عايزاني اوافق عليه.

سألت يمنى بريبة فردت نجية وعيناها



المطارد بقلم امل نصر




تراقب رد فعل ابنتها 

سعد ابن خالك عايز يرجعلك تاني يايمنى امه اتصلت وطلبت نحدد موعد الفرح. 

اااه قولي كدة تصدقي ياما انا قلبى اتقبض من قبل ماتتكلمي وحسيت على طول كدة ان هاتبلغيني بخبر عفش.

شهقت نجية مجفلة من رد يمنى الصاډم  

قلبك اتقبض ليه يااختي هو انا جيبتلك سيرة قباض الارواح دا ابن خالك خطيبك يعني مش عفريت وهاياكلك.

هتفت يمنى ترد پغضب

مش خطيبي ياما دا كان مجرد ربط حديت وانا فضيته وخلصنا يعني لا عاد خطيبي ولا اعرفه. 

لا يااختي تعرفيه وهايرجع خطيبك من تاني .

لا ياما مش هارجع خطيبي من تاني عشان انا مش موافقة وماصدقت اني خلصت منه ايه رأيك بقى

قالت يمنى بتحدى ممأ اثار ڠضب والدتها التي ردت

يعني ايه يايمنى يعني لو انا اصريت انك ترجعيلوا هاتكسري كلمتي

ايه يااما بقولك مابطيقهوش يعني ماصدقت ان خطوبتي تتفسخ منه عايزاني ارجع بقى للهم من تاني يساتر يارب دا كان دمه يلطش . 

صاحت بها يمنى مما جعل نجية تكاد ان تفقد صوابها من تعنت ابنتها فاضطرت أن تحاول مرة اخرى بمحايلة

يابنتى متخليش الشيطان يسوقك! وادى فرصه لابن خالك دا مهما كان برضوا من دمك واللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش.

يمنى بأصرار اكبر

لا ياما بقى مع البني ادم ده يبقى الغريب احسن ياستي انا ايه اللي يجبرني اتجوزا من الأساس وانا مش طايقاه اعوذ بالله . 

قالت يمنى متأففة فكان رد نجية المبهم.

بقى فيه اللي يجبرك يايمنى عشان بس تفوقي من اولها كدة وتصحي لنفسك.

ضيقت عيناها تسالها بتفسير

ايه بقى اللي هايجبرني عشان اتجوزا ويخليني افوق لنفسي ياما.

اللي يجبرك ياعين امك هو ان اختك الصغيرة العرسان بقت رايحة جاية عليها يطلبوها للجواز وان احنا رفضنا النهاردة حد منهم بكرة بقى ماينفعش نرفض عشان مانوفقش حالها .

تكلمت يمنى بحدة

وافرضي ياما العرسان بقت تيجي تطلب اختي انا مالي بقى ما انتوا لو عايزين تجوزوها انا مش هارفض بل بالعكس انا عمري ما اكره الخير لاختي لو اتقدملها عريس زين ويستاهلها.

هتفت بها نجية پغضب 

انت هاتجنيني يابت عايزانا نجوز اختك الصغيرة قبلك عشان حالك يوقف وتقعدي بعدها سنين على ما يجيلك نصيبك بعد ماتكوني كبرتي .

امال عايزاني اعمل ايه بس ياما

هدرت بها وهي تنهض مستقيمة عن التخت وتايعت

ماهو جواز من سعد ابن اخوكي مش هاايحصل ياامي وان كان على ندى اختي انا برضوا بكرر قدامك اهو لو جوزتيها من بكرة انا مش هاعترض ولا هازغل عشان بس مايبقاش انا حجتكم في الرفض.



نهضت خلفها نجية وهي وتردف من تحت اسنانها

يعني انت بتعانديني يابت سالم ومش هامك كلامي ماشي يامحروسة اما نشوف بقى كلام مين اللي هايمشي

لكزتها على ذراعها تزحزحها عن طريقها كي تخرج وتغادر الغرفة فتركت يمني تدلك بيدها على ذراعها متالمة من لكزة والدتها وقد ساورها القلق من حدة والدتها وإصرارها على الزواج من سعد ابن خالها.

وفي الغرفة المجاورة الخاصة بالفتاتين كانت ندى تتمايل بميوعة امام شقيقتها الصغيرة سمر التى كانت مكتفة ذراعيها وتنظر اليها بامتعاض 

عشان بس ماتبقيش تتريقي ولا تعيبي عليا اديني جيبت العريس على ملا وشه ورايا من مجرد بس ما شافاني في عريية الأجرة والراجل وقع على بوزو .

أردفت بها ندى بابتسامة متبخترة قلبت سمر عيناها قبل أن ترد عليها بابتسامة مستخفة 

ايوة ايوة ما انا عرفت جمالك الطاغي هو اللي خلى الراجل يجي وراكي زاحف مش لبسك الضيق والمكياج اللي محمر خدودك وشفافيك عشان يبانوا واكنهم طبيعي قدام الشباب الغلابة اللي مايفهموش حاجة في خبث البنات.

عضت ندى على شفتيها غيظا وقد ازعجتها كلمات شقيقتها

على فكرة بقى انت بتقولي كدة عشان غيرانة مني عشان انا أحلى منك ومن يمنى كمان 

ياشيخة!! والنبي صح مصدقة نفسك بقى انت احلى من يمنى كمان 

اردفت بها سمر وهي تشير نحوها بسبابتها جعلت الغيظ يتمكن من ندى التي تخصرت قائلة

يانعم بقى ياست سمر هو انت طالبة معاكي تتمهزقي عليا ولا تفتني مابيني وبين يمنى

لا ياحبيبتي انا لا بتمهزق ولا بفتن بينك وبين يمنى انا بس عايزاكي تعرفي ان اسلوبك في البس والمكياج اللي انت فرحانة بيه ده يمكن صح بيجيب العرسان بس ياحبيبتي كل البنات بتتجوز لكن بقى الرك على اللي يقدر يسعدك ويصونك مش يفرح بحلاوتك يومين وبعدها تشوفي وشه التاني.

بركاتك ياشيخة سمر خلي نصايحك لنفسك

قالت ندى بسخرية وهي تتحرك نحو الخزانة كي تبدل ملابسها نظرت في أثرها سمر تهز رأسها غير راضية عن التغير الذي طرأ لشقيقتها منذ أن التحقت للمدرسة الفنية وازداد أكثر حينما بعد ان وصلت للسنة الدراسية الأخيرة وقد فتنتها بهرجة المدينة واسلوب الفتيات زميلاتها في الإيقاع بالشباب دون أدنى اهتمام بالدراسة ولامستقبلهم في التعليم تحمد الله ان شقيقتها مازالت محتفظة ببعض حيائها رغم كل هذه البهرجة الواضحة في مظهرها الخارجي وادعائها الحرية .


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-