رواية القلب يعشق مرتين الفصل الخامس عشر 15 بقلم هند سعدالدين

رواية القلب يعشق مرتين الفصل الخامس عشر 15 بقلم هند سعدالدين 

ـ يحيى؟ هو إنت لسه تعبان؟

قالتها بحب وعطف من غير ما تحس إنها بتتخطى الحدود..

بس هو، امممم، ما ردش، معطاش اهتمام لقلقها..

كان قاعد مديها ضهره على كنبة الليفينج، قربت خطوة، وحطت إيديها على كتفه، جسمه انتفض!

كإن حاجة لسعته أو كهربته.

تجاهلت رد فعله، لإن قلقها كان أكبر من أي حساسيات..

ـ إنت لسه سخن؟

قالتها وهي بتحط إيدها على راسه..

ضحك، ضحكة قصيرة، كإنه بيقولها "سيبيني ف حالي".

رد باقتضاب:

ـ ركّزي في نفسك أحسن.

الرد وقع عليها زي ماية ساقعة على صدر مولّع.

ـ ما إنت نفسي، اللي بينا بيقول إننا واحد!

هزة راسه وحركة رجله العصبية، كانت بتنذر ببداية عاصفة..

لف بوشه، نظرته كانت مش نظرة زعل..

كانت نظرة حد شايف قدامه شخص غريب، حد ما يعرفوش ولا حابب وجوده..

ـ عايزة إيه يا سلمى؟

ـ كنت عاوزة أطمن عليك بس.

ـ اطمني..

وقف.

ـ أنا عايش.

عدّى من جنبها، كانت عينيه فيهم نظرة الانهزام زي ما عرفته أول مرة..

راح المطبخ، فتح الحنفية، شرب ماية..

كإنه بيمسح طعم يومين مرّوا على حلقه.

وقفت قصاده، لمّا رجع:

ـ يحيى.. أنا مش عدوّتك.

بصّ لها، كإنه بيعاتب ملامحها..

ـ مش لازم تبقي عدوتي، عشان أكون تعبان منك.

الكلمة دخلت جوّا صدرها ووجعتها..

ـ إنت ليه محسسني إني خونتك، أنا ما خنتكش وما كذبتش، أنا بس ماقدرتش أتكلم..

ـ وإنتي فاكرة السكوت مش كذب؟ السكوت خيانة من نوع تاني… أبرد.

سكتت..

مش لأنها اتكتمت، لكن لأنها فهمت، هو مش بيحاسبها…

هو بيحاسب نفسه.

مشيت ناحيته، قربت إيديها من إيده..!

مدّ إيده؟ لأ.

بعد إيده؟ لأ.

هو ببساطة… بطل يبص عليها.

قالت له بصوت هادي، خايف، لكنه ثابت:

ـ إنت لسه بتحبني؟

الهواء نفسه اتجمد.

كإن سؤالها وقع على الأرض واتكسر.

يحيى قفل عينه..

زي حد بيهرب من إجابة، كان الرد أصعب من الهجر نفسه.

ـ الحب مش كل حاجة.

ـ طب إنت لسه بتحبني؟

ـ سلمى..

غمض عيونه لثواني، بحيث ينقي الكلام اللي هيقوله..

ـ أنا دلوقتي مش عارف بحبك ولا بنفر منك، أنا واقف في النص.

قربت منه خطوة..

خطوة بتقول "أنا مش هسلّم بسهولة"

كانت بتتمايل بأنوثة..

كان واقف مصدوم أو ربما كان محتاج يقرب منها ويحبها بشكل مختلف!

حطت إيدها على خده..

ـ ممكن تفهمني؟

ـ لأ.

قربت أكتر..

ـ ليه؟

ـ مش جاهز.

ـ إمتى هتكون جاهز؟

ـ لما أبطل أحس إني كنت كومبارس في حكاية لسه دوره مجاش!

حطت صوباعها على شفايفه، محاولة منها عشان يسكت عن رميها بالحجارة..

كان بيحاول بكل طاقته مينجرفش ورا مشاعره، بس حاجة جواه بتقوله دي سلمى مراتك حبيبتك..

نزل إيدها من على وشه، رفعتها تاني وبنعومة كانت بتملس على دقنه..

قربت من ودنه..

ـ إنت عارف إني بدوب لما بلمس دقنك؟

كان متوتر وبيتهته، مش عارف يقولها.. بس كفاية.

حضنها وتاه جوا حضنها.

اتشد لها..

جسمه استجاب قبل عقله.

وربما قلبه كان لسه بيحارب عقله..

بس لثواني تاه عقله لما قرب منها وشم ريحتها، هو عاشق من أوله لأخره…

 لفّ إيده على ضهرها، كإنه بيقولها خليكي كده، احميمي من أفكاري..

بس حاجة جواه صرخت: "في حاجة غلط."

شد نفسه من حضنها فجأة…

كإنه فاق من حلم سخيف.

ـ بس كفاية!

صوته ماكنش عالي، كان لسه تايه قصاد مشاعره، كان بيحاول يفوق نفسه.

سلمى اتصدمت، رجعت خطوة لورا:

ـ مالك؟! إنت لسه من شوية…

ـ وأنا من شوية، كنت ضعيف.

قالها وهو بيمسح إيده كأن حضنها كان جريمة مش لحظة حب.

ـ إنت بتعمل إيه؟

صوتها كان عالي، ومتوتر، كأنها خايفة تخسر السيطرة اللي كانت معاها.

ـ بعمل اللي المفروض كنت أعمله من زمان.

بفصل…

بشوف…

وبفهم.

قرب منها ورفع صوابعه ناحيتها كإنه بيتوعد لها..

لكن المرة دي مش قرب عاشق…

قرب راجل بيواجه حقيقة كانت قدّامه بس الحب أعمى

ـ أنا كنت فاكر إنك متلخبطة…

إنك اتخضّيتي…

إنك خايفة.

لكن إنتي…

وقف لحظة.

بص ناحيتها.. نظرة فاحصة، صريحة، كسرت حائط كبير.

ـ إنتِ بتستغلّي لحظة ضعفي، عشان ترجّعي السيطرة بين إيديك، بتقربي لما تحسي إني هبعد، وبتبعدي لما أكون محتاج كلمة توضّح لي.

سلمى اتوترت، حرفيًا ارتبكت:

ـ إيه الكلام ده؟! إنت بتظلمني!

ـ لأ، أنا أخيرًا شوفتك.

نزل عينه من على إيدها اللي كانت لسه ممدودة ناحيته.

ـ اللمسة، والكلام الناعم والقرب بالطريقة دي مش عادتك!

كل ده بيحصل إمتى؟

لما أكون هسيبك.

لما أكون هفوق.

لما أكون هفكر بعقلي مش بقلبي.

سلمى حاولت تمسك إيديه…

زاحها عنها.

مش بقوة.

بهدوء قاتل.

ـ يحيى إنت كنت ف حضني من عشر دقايق عشان بتحبني. أصلي، أصل هستغلك في إيه؟ إنت بتحبني وأنا بحبك..

ـ أيوه، وده أسوأ نقطة ضعف عندي، نقطة الضعف اللي عمتني عنك وعن أفعالك، إنتي قولتي إنهم اعتدوا عليكي، وأنا كنت هناك، ملحقش يطور أفعاله لأكتر من كده، المحضر يا أستاذة سلمى والطب الشرعي كان كاتب اعتداء مش. اغتصـ.... اب..

ـ إنت بتقول إيه؟ كفاية افترى عليا بقى..

سلمى حست إنها اتقفشت، وإن السيطرة بتفلت من إيديها..

عيطت عشان تستعطفه..

دموعها نزلت بغزارة، دموع شكلها بريء، بس ريحتها كانت محاولة هروب، محاولة تلّميع الصورة السودا اللي بدأت تتكشف.

ـ يا يحيى..

قالتها بصوت مكسور، صوت أي حد ممكن يصدّقه… إلا اللي اتلسع قبل كده منها.

قرب خطوة، خطوة واحدة، مش قرب حنان، قرب مواجهة.

ـ بتعيطي؟ زمان كنت بقع أول ما أشوف دموعك، إنما النهاردة؟ أنا فاهم إن دموعك مش رد فعل، دي وسيلة.

سلمى شهقت:

ـ إنت بتظلمني، بالله عليك اسمعني!

ـ لأ… إنتي اسمعي.

قالها وهو رافع وشها بإيده..

ـ إنتي قولتي إنك اتقهرتي… وأنا صدّقت.

إنتي قولتي إنك اتاخدتي غصب… وأنا صدّقت.

إنتي قولتي إنك مجروحة… وأنا بقيت دكتورك اللي يعالج جرحك.

ساب وشها، كأن لمسها كان بيحرقه، بس الحقيقة… إن مفيش جرح ولا حاجة ده نتاج اختيارك، كله كان بكيفك يا سلمى..

 قربت منه تمسك طرف التي شيرت:

ـ يحيى، بالله عليك، طب مين قالك كده، سليم؟ ده كذاب..

وقف مبتسم..

لمع في عينه شك قديم… شك كان بيهرب منه شهور.

الجملة دي عملت فيه حاجة… صدمة؟ يمكن

بس مش صدمة حلوة.

ـ إنتي غلطي مع سليم؟ 

فضل يضحك لحد ما غلبه القهر وبكى..

ركعت على رجلها قصاده..

كان نفسها تقول الحقيقة وتهرب في نفس اللحظة… الحقيقة بالنسبة لها كانت باب نجاة وباب خراب في نفس الوقت.

ـ أنا هقولك على كل حاجة، بس توعدني تسامحني.

#القلب_يعشق_مرتين

ـ الحلقة الخامسة عشر

       الفصل السادس عشر من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا     

تعليقات