رواية القلب يعشق مرتين الفصل الرابع عشر 14 بقلم هند سعدالدين

رواية القلب يعشق مرتين الفصل الرابع عشر 14 بقلم هند سعدالدين

ـ إنت كنت فين؟ يومين سايبني هنا لوحدي! 

بص لي بعدم اكتراث، بعدني عن دخلت الباب، كإني لا شيء موجود قصاده.

ـ كنت عند ماما يا سلمى، أنا قلت لك سيبي لي فرصة أهدى صح؟

ربطت روبي، مشيت وراه، قعد على كنبة الصالون، قعدت قصاده على الكرسي.. 

ـ عاوزة تعرفي إيه يا سلمى؟ ريحي نفسك، مقولتش لماما حاجة.. 

اتنهدت أخيرًا.. 

اتنفست، نفس قصير، هشّ، زي اللي بيحاول يمسك آخر غصن قبل ما يقع.

بس حاجة جوايا مكانتش مريحاني، إحساس كده… ريحة كذب، أو يمكن ريحة حاجة مستخبية!

ـ عاوز تقنعني إن ابنها رايح لها يوم صباحيته وقعد عندها يومين، ومتسألكش جاي ليه؟!

ـ سلمى!

قالها بزعيق، كان أسلوبه صارم ومخيف، انكمشت في نفسي، دور وشه الناحية التانية، وعِرق الغضب ظهر على رقبته..

كمل كلامه:

ـ أنا محدش كاسر عيني بحاجة يا سلمى!

حط صباعه على صدره وكمل:

ـ مـ.. حدش!

وقف، مشي خطوتين، ورجع بصّ لي بنظرة فيها خليط غريب من قرف، وندم، وحنق من نفسه عليّا.

ـ هي سألت، وأنا قلت لها إني متوتر وماكنتش قادر أواجهك.

ضحك، ضحكة مليانة مرارة.

ـ طلعت نفسي مش راجل… عشانك!

قالها بتريقة، بطريقة تقطّع، قلبي حتت!

ضرب كف على كف، الصوت طلع زي صفعة بتتقسم على اتنين… نصها على وشي ونصها على روحه.

سكت.

حركة الصمت بينا بقت عاملة زي غرفة مليانة دخان مش شايفة ملامحه… ولا شايفة نفسي.

قمت من مكاني، وقفت قدّامه.

ـ وهي قالت لك إيه؟

صوتي كان ثابت، لا هو قوي ولا مكسور… حالة ضياع ما بين اختيارين!

هز كتفه.. 

ـ غريبة دي والله! هو أنا في تحقيق يا سلمى ولا إيه؟ بقولك مقولتلهاش حاجة، خلصنا بقى. 

ـ تفتكر هتحمل أسلوبك الصعب ده لحد إمتى؟

قرب مني، كان بيني وبينه مسافة شبر، بص لي بازدراء.. 

ـ لحد ما أنا أقرر هنكمل ولا لأ، ولحد ما أقرر، أتمنى متحاوليش تستفزيني، واه أنا هنام في الليفينج، يا ريت تطلع لي حاجتي.. 

ـ هتسيب أوضتنا؟

ـ يعني هو أنا سايب الجنة؟ حاجة تانية، نزول وطلوع من البيت مرفوض، ويا ريت محدش يدخل بيتي، بحب النظام، هاجي من الجامعة ألاقي غدايا جاهز.. 

ـ إنت بتدفعني فواتير مش بتاعتي.. 

قاطعني، وكان صوته عالي.. 

ـ ولا بتاعتي، وبما إننا محطوطين في مركب واحدة غصب عنك هتتحملي اللي أقول عليه.. 

سكتت، مش انهزام مني، أنا عديت بأكتر من كده، سكتت عشان هسيبه يكتب النهاية بإيده! 

قومت أجهز الغدا وناديته.. 

خبطت على اوضة المكتب، مردش، دخلت، كان نايم على المكتب، كان شبه يحيي اللي عرفته! 

ملست على شعرته، بص لي بوداعه، وابتسم.. 

ـ جهزت لك الغدا.. 

ـ أنا تعبان متسبينيش يا سلمى.. 

حطيت كفي على راسه، وكف على راسي، ماكنتش قادرة أحدد كويس هو سخن ولا لأ، قربت شفايفي من راسه، كان سخن، مولع.. 

حطيت إيده على كتفي، ومشينا لحد اوضة النوم، نيمته على السرير وغطيته كويس..

جريت جهزت كمادات ماية ساقعة.. 

كان بيهلوس.. 

ـ بس أنا بحبها، لأ مش هأذيها، هي مش فاكرة حاجة أصلا.. 

فجأة زعق كإن في حد قصاده بيتخانق معاه، قام فجأة! 

بص حواليه، عينيه ثبتت عليا، أخدني في حضنه. 

ماكنتش فاهمة حاجة، شال المنديل اللي على راسه.. 

ـ هي الساعة كام؟ 

قالها وهو بيبعدني عنه.. 

ـ الساعة ٩ بليل! 

ـ هو أنا نمت؟

ـ دخلت لك عشان جهزت الغدا، مردتش، وكنت سخن وبتهلوس! 

قام من مكانه، بعد ما أخد باله إنه نايم على سرير أوضة النوم.. 

ماكنش متوازن بشكل طبيعي.. 

سندته، زقني.. 

ـ إنت استحالة تكون الراجل اللي حبيته أبدًا.. 

ضحك.

ضحكة ميتة.

ـ أصل الوضع ما بقاش بسيط يا سلمى، ولا إنتي فاهمة إنه بسيط.

قعد تاني، وكان بيحاول يتوازن..

ـ أنا محتاج أفكر.

ـ تفكر في إيه؟

قولتْها وأنا سامعة قلبي بينط من ضلوعي.

ـ فيّا؟ في جوازنا؟ في إنك تكمل ولا تمشي؟

بصّ لي..

 النظرة دي قتلت آخر نقطة أمان فضلت جوايا.

كانت نظرة "فاضية". لا هي حب… ولا كره… ولا رحمة.

ـ أنا..

سكت.

رجّ رجله بعصبية.

ـ مش قادر أتعامل مع اللي حصل، ولا مع إنك خبيتي عليا.

بصّ للسجادة، مش ليا.

ـ ومش قادر أرجع أبقى كويس تاني واتعامل معاكي كإن مافيش حاجة حصلت.

قربت جنبه، بس ما قعدتش.

ـ طب، إنت هتمشّيها صمت؟ هتعاقبني كده؟

ـ أيوه.

قالها بمنتهى البساطة..

ـ الصمت أسلم.

بصّة واحدة بس… كانت كفيلة تشرح كل حاجة:

هو مش هيزعق…

ومش هيحضن…

ومش هيتكلم…

هو هيعاقب.

وبالطريقة اللي بتوجع أكتر من أي كلمة:

التجاهل.

ـ ولو سمحتي من النهارده، شيلي من دماغك موضوع دراستك.

حطيت إيدي على قلبي، كانت القشة التي قضمت ظهر البعير.. 

ـ انسيها لحد ما نفهم وضعنا.

وقتها، حسّيت إن الأرض بتتسحب من تحت رجلي.

مش لأنه منعني من دراستي، لإنه قاعد يسقط من نظري..

وقفت قدامه، وقلبي عامل دوشة جوايا.

ـ ليه؟!

ـ مش وقته.

ـ إنت بتمحي حياتي.

ـ بقولك مش وقته!

رفع صوته…

وأول مرة ما خفتش.

المرة دي… اتكسرت فيا حتة جديدة، والحتة دي خلت الخوف irrelevant.

ـ كل حاجة وليها اخر، إنت ناوي تفضل تتمادى لحد إمتى؟

بصّ لي…

ولأول مرة، مالمحش في عينه أي نية للرحمة.

ـ لحد ما أقتنع… إنك ما استغليتنيش.

سابت الكلمة دي أثرها… كإن باب في آخر الممر اتقفل علينا سوا.

#القلب_يعشق_مرتين

ـ الحلقة الرابعة عشر

        الفصل الخامس عشر من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا    

تعليقات