رواية ما وراء ما نظن (كاملة جميع الفصول) بقلم ملك عبدالله
في الحرام يا شيماء؟!
إنتِ عاملة زي اللي يمسِك الحروف ويضيّع المعنى.
_ بطّلي يا ندى إنتِ مش فاهمة حاجة فين الغلط حد قالك إننا كل يوم في مكان مع بعض إحنا يدوب بنتكلم، ومش بنشوف بعض غير في المناسبات.
_ يفرق يا حبيبتي والله يفرق ، والله غلط.
_ يوووه أنا غلطانة إني بكلمك في الموضوع أصلًا مافيش فايدة فيكِ.
_ حرام يا شيماء والله حرام بلاش عشان هتندمي في الآخر راجعي نفسك قلبك ودينك أهم، بلاش تخسريهم على حاجة ما تستاهلش.
_ سلام يا ندى سلام أنا غلطانة إني بحكيلِك حاجة أصلًا.
قفلت السِكة في وشّها وأنا بتنفس بعصبية ومش فاهمة هي مشكلتها في إيه.
كل مرة أحكيلها تمسّك عليّ نفس الأسطوانة
ومش هكدب كلامها هزّني.
بس إزاي حرام؟!
وكل حياتي اتحسنت معاه!
لو إنها ما تعرفنيش من زمان كنت أقول من حقها تقلق وتخاف لكن هي شايفاني حاسّة بيا عارفة أنا كنت فين وبقيت فين ووصلت لإيه
كل ده بفضل عمر
إزاي بقى في الآخر تقول حرام؟!
أنا اللي بطّلت ألبس بناطيل واتخمرت حفظت القرآن وانتظمت في الصلاة وقيام الليل والأذكار.
إزاي إنسان بيقربني من ربنا خطوة خطوة يكون أذى ليا؟
وإزاي علاقتنا تبقى حرام؟
أنا وعمر اتعرفنا وأنا كنت في تالتة ثانوي
أسوأ سنة عدّت عليّا.
كنت شخصية مش سالمة مع نفسي ولا اللي حواليا بعيدة عن ربنا وأهلي ودراستي سايبة.
اتقابلنا في فرح قريبنا
اتبهرّت بيه من اللحظة الأولى لبسه، طريقته، أسلوبه، حضوره
كاريزما حد جذاب، غامض، واعي ومثقف.
كل ده لاحظته من مجرد نظرات.
وطول الفرح نظراتي ليه ما فارقتوش.
وتاني يوم لقيته باعتلي على الإنستا.
اتصدمت
هو كان واخد باله فعلًا؟! قبلت فورًا وبدأنا نتكلم
اتعودنا على بعض تبادلنا الأرقام.
وبقيت دايمًا أكلمه بحجة الثانوية العامة ونفسيتي اللي كانت دايمًا بايظة وعلاقتي بأهلي والمشاكل اللي كانت طالعة من كل حتة.
بدأ يقف معايا وفهّمني إن كل اللي أنا فيه سببه بُعدي عن ربنا.
وكان عنده حق… كنت بعيدة جدًا.
وبدأ يقربني واحدة واحدة.
لحد ما التزمت بالحجاب الشرعي وحفظت القرآن وانتظمت على الصلاة.
الحياة اللي أي بنت تتمناها.
رجعت ذاكرتي لجمل محفوظة على ظهر قلب… ليه.
"إزيّك يا شيمو متنسيش أذكارك قبل ما تروحي الامتحان."
"مش ناوية تسيبي لبس البناطيل وتقرّبي خطوة زيادة لربنا؟ يمكن تكون الخطوة اللي يكرمك بيها في الدنيا."
"عاملة إيه؟ بقولّك… أنا عارف مُحفّظة قرآن ممتازة، إيه رأيك تبدأي خطوة حقيقية وتقربي من ربنا وتحفظي معاها؟"
"شفتي الخمار زادك حلاوة إزاي اسم الله عليكِ يا شيمو ربنا يفتح عليكِ."
"القسم ده ممتاز وهيفيدك جدًا ادخليه واطمني، أنا معاكي دايمًا."
"سيبك من صحابك دول شكلهم مش مريح، وملكِيش دعوة بحد."
"أوعي أعرف إنك كلمتي حد بلا تيم وبلا زفت ملكيش دعوة بأي شاب، فاهمة؟"
"ذاكري كويس وأنا هفضل أراجع وراك خطوة بخطوة."
"اقفلي تليفونك بدري السهر للبنات غلط، فاهمة؟"
"متلبسيش ألوان ملفتة خليكي هادية ورزينة زي ما بحب."
"اقري وردك قبل ما تنامي ربنا يرضى عليكِ."
"لو حد قالك رأي مخالف لرأيي، سيبيه أنا الأعرف بمصلحتِك."
"لو صاحبتك دي قالت لك أي حاجة، متسمعيش لها أنا فاهم الدنيا أكتر."
"أنا بخاف عليكي… وعشان كده لازم تسمعي كلامي."
وكأنّ صوته بيتكرر جوا وداني
نفس النبرة، نفس السيطرة، نفس الحرص اللي كنت بحسبه حبّ.
وأنا كنت بقول لنفسي إزاي أخاف وأنا معاه؟ أكيد لاء
ده أنا حياتي كلها معاه ده أنا بدأت أعيش معاه وأعيش عشانه.
ومع كل ده كان هو ماسك فيّ.
"يا شيمو… ما تبعديش.
أنا آخر حد ممكن يسيبك.
وإنتِ آخر حد أقدر أعيش من غيره."
ابتسمت، وقلبي مطمئن…
كنت واثقة فيه، عارفة إن مهما حصل
هو مش هيسيب حياتي، زي ما أنا ما هسيبهوش.
حياتي كلها بين إيده، وأنا مسلّمة له كل خطوة وكل نفس.
ودلوقتي… أنا في تالتة جامعة.
العمر عدىوإحنا لسه مع بعض.
فُقت على مسج منه وابتسامتي زادت وأنا بقرأ:
_ فينك؟ بقالك ساعتين غايبة عني.
متستغربوش يمكن وبدون مبالغة، إحنا بنتكلم الأربع وعشرين ساعة مفيش دقيقة بتعدّي من غير ما يعرف أنا فين وبعمل إيه.
ردّيت وأنا لسه مبتسمة:
_ موجودة، كان ورايا شوية شغل في البيت وخلصته إنت فين؟
_مع صحابي.
حسّيت رده جاف مش ده كلامه، ولا دي طريقته قلقت يمكن زعلان يمكن حاجة مضايقاه؟
فبعتّله بقلق:
_ مالك يا عمر فيك حاجة؟
استنيت واستنيت.
اختفى بالساعات، وده أول مرة يعملها.
ولما أخيرًا رد كانت الصدمة:
_ بخير يا شيماء.
هنا بقى طفح كيلي رنيت عليه فورًا، فضلت مستنية ثواني طويلة لحد ما رد، لكن صوته كان بارد وكإنه بيرد غصب عنه.
_ إيه يا شيماء؟
_ بطّمن عليك يا عمر حاساك غريب في ردودك متأكد مفيش حاجة؟
_ يوه يا شيماء متخلكيش زنانة كده زي الأطفال هيكون فيّ إيه يعني ولو فيّ هتحلّي إنتِ يعني؟
_ عمر!!!
_ زفت… سلام، مش ناقص نكد.
وقفل.
قفل بجد.
يعني إيه؟ إزاي؟
إزاي لأول مرة يتكلم معايا بالشكل ده؟
عيّطت وأنا بتخيّل المكالمة من جديد، وبحاول أتصل بيه وأبعت وأرن ومافيش أي رد.
يعني إيه؟!
إزاي وصلنا لكده؟
عدّى يوم… واتنين… وأسبوع…
وبعدين شهر.
من غير أي تواصل بينا.
مفيش رد، لا على مسجاتي ولا على مكالماتي.
ولا حتى كلمة توضح اللي حصل.
والمضحك المبكي إنه ماعملش بلوك.
ساب الباب مفتوح، بس هو نفسه اختفى
اختفى كإنه عمره ما كان هنا.
حاولت بكل الطرق أوصل له، بأي طريقة أفهم بيها ليه
بس فشلت.
كل مرة أتعلق بأمل صغير، وأرجع أوقع أبشع وقع.
حياتي بقت باهتة
ألوانها مطفية، وكلامي ناقص، وروحي متلخبطة.
مش فاهمة… اتواصل ليه إزاي ؟
ولا أسيب
ولا أستنى
ولا أواجه الحقيقة اللي بتهرب مني كل يوم؟
مفيش إجابة
والصمت بقى أقسى من أي كلام.
_ وأخيرًا يا شيماء جيتي فينك من زمان يا بنتي؟
_ شوية مشاكل في البيت يا ندى المهم علينا إيه النهاردة؟
_ محاضرتين وسيكشن مع دكتور إسلام.
_ تمام.
سكتّ، وسرحت في كل زاوية من زوايا الجامعة
رغم البُعد اللي بينّا، كل مكان هنا شاهد على سعادتنا
صوري اللي كنت دايمًا أصوّرها، مكالماتنا، شاتنا، ضحكنا
كنت بشاركه كل حاجة.
صعب صعب جدًا إن كل ده يتمسح مستحيل!
قطع شرودي صوت ندى وهي بتسألني:
_ مقولتليش عاملة إيه في حياتك من آخر مكالمة بينّا وإنتِ بعيدة عني إنتِ بخير؟
ابتسمت ابتسامة خفيفة مزيفة:
_ بخير، متقلقيش.
لكن الحقيقة؟
لأ…
بعيط كل يوم، ونفَسي بيضيق
بُعده وجع يا ندى.
نار جوايا محدّش حاسس بيها.
مكنتش أعرف إن الحب نار ووجع بالشكل ده.
خلصت أوّل محاضرتين لكن عقلي ماكانش هنا
تفكيري كان بعيد، بعيد قوي وكل حاجة حواليا كانت بتخنقني؛
المكان… الكلام… البشر…
إزاي الفراغ مؤلم للدرجة دي؟
وإزاي الوجع قادر يعمل فجوة جوا الروح ما بتتسدّش؟
الحياة من غير الأحبّة موجعة ومُبشِّعة للّي بينجو فيها.
قررت أخرج أغسل وشي وأرجع يمكن أفوق مع إني شبه متأكدة إني مش هعرف.
وأنا خارجة، اتعثرت وخطوتي خانتني، وكنت هقع—
لولا إيد مسكت إيدي قبل ما أتهوى.
إيد أعرفها…
لمسة محفورة في قلبي قبل جلدي.
رفعت عيني بسرعة، وأنا متأكدة إني ما غلطتش يوم في الإحساس ده.
يتبع...
_________________________
يا هلا بأهل ملوكة!
وحشتوني جدًا جدًا يا آنسات.
اختفيت فترة قصيرة، لكن رجعت من جديد
نعتذر عن اللي قولتلهم هنزل علطول ومنزلتش
بس كانت عندي مسؤوليات تانية شاغلاني أكتر.
المهم… الجزء الأول نزل، ومعنديش فكرة إذا هينزل كل يوم ولا لأ، لكن هحاول حسب وقتي بين الدراسة الجامعية والتربية العسكرية… أول يوم ليها النهاردة والله مش عارفة إحنا بنعمل إيه هناك لن الله
كل أيامي مشغولة جدًا، والصراحة الضغط عليّ كتير… عشان كده كتبت الاسكربت ده لإن بحب اشتغل في وسط الضغط مش فاهمة إزاي.
رأيكم في القصة والأحداث؟ معظمها مستوحاة من أحداث حقيقية.
#ما_وراء_ما_نظن
#مَلَك_عبدﷲ_أحـمَـد
