رواية انا لها شمس الفصل 26 السادس والعشرون بقلم روز امين
عودة لتلك التي ولجت لغرفتها المخصصة لها لتغلقها خلفها وترتمي على ذاك المقعد المجاور للتخت، شرعت ببكاءٍ مرير يقطع نياط القلب، شهقت بقوة ولعنت حالها وغباءها الذي صور لها أنه بالفعل أصبح قريبًا منها للحد الذي يسمح لها بالتحرك بحرية في المنزل،خرجت منها شهقة قوية عبرت عن مدى القهر الساكن بداخلها، لأول مرة بكامل حياتها تُوضع بمثل هكذا موقف،شعرت بالمرارة على ما وصلت إليه،لما فعلت هذا،هي التي وضعت قوانينها بعدم السماح للاخرين بالقرب منها بعدما رسمت حدودها الخاصة بعدم الإقتراب،لما كسرت حاجزها التي شيدته طيلة تلك السنوات لتقترب منه لهذا الحد بل وتسمح له بالغوص بداخل أعماقها واستكشاف ما بها،باتت تسب وتلعن حالها على موافقته لعقد القران الذي من الواضح بأنه سيتخذه سلاحًا للتحكم بها وفرض قيوده عليها، ضلت على هذا الحال لفترة طويلة حتى شعرت بتملل صغيرها بنومه، فتحركت سريعًا إليه بعدما وجدته يرفع رأسه لاعلى باحثًا عن مصدر أمانه الوحيد بتلك الغابة الموحشة، وما أن اسرعت نحوه وسحبته لداخل أحضانها حتى استكانت روحه وعلى الفور عاد إلى غفوته من جديد، تنهدت بضيق ثم أغمضت عينيها لتطبق جفنيها بقوة وتسمح لدموعها الحارة أن تنهمر من جديد، ازدردت لعابها ثم تنهدت بهدوء بعدما اهتدت لخطوتها التالية والتي لابد أن تقوم بها مُنذ الصباح لحفظ ما تبقى من كرامتها،أمسكت هاتفها الجوال وضغطت على رقم عزة وانتظرت حتى جاءها الرد من تلك التي كانت تنعم بغفوتها وانتفضت على أثر ذاك الإتصال لتُجيب بصوتٍ متحشرج من أثر النعاس:
-خير يا بنتي،إيه اللي مصحيكِ لحد الوقت، دي الساعة عدت من اتنين!
تحمحمت لتجلى صوتها ثم تحدثت بصوتٍ باكي لم تستطع السيطرة عليه:
-جهزي شنطة هدومك علشان هنرجع لشقتنا أول ما النهار يطلع
ضيقت عينيها لتسألها مستفهمة:
-إيه اللي حصل يا إيثار، هو أنتِ إتخانقتي إنتِ وفؤاد!
-إسمعي الكلام يا عزة وبلاش أسئلة كتير، الله يخليكِ أنا مش ناقصة...نطقت كلماتها بنبرة بائسة فاستشفت الاخرى أنها قد وصلت لذروتها من الغضب فقررت الاستجابة لحديثها كي لا تزيدها على إبنتها التي لم تحظى بإنجابها لتجيبها بطاعة:
-حاضر يا حبيبتي، أول ما النهار يشُق هطلع أساعدك في توضيب شنطك إنتِ ويوسف
أغلقت معها بدون إضافة كلمة أخرى لتتنهد وتندثر بجسدها للاسفل واضعة رأسها فوق الوسادة لتقع صريعة للنوم بعد عدة ساعات بعدما أنهكها البكاء.