جديد

رواية اشاره حمراء كاملة وحصريه بقلم ايمان فاروق

  رواية اشاره حمراء كاملة وحصريه بقلم ايمان فاروق 



#الفصل_الأول 

#إشارة_حمراء 


اهداء إلى تلك السيدة التي جعلت نابضي ينبض بالحب ..الى تلك الأرض الخصبة التي انجبت خمس من الزهور لأكون انا واحدة منها ..تلك المرأة الصبورة التي كانت ومازلت ام لكل من يعرفها ..تلك الرائحة العطرة والاخلاق الكريمة التي ينتشر ريحها الطيب وحسنها بين الناس في أخلاق أولادها الذين يسيرون في نور دربها.. أمي أدامكِ الله لنا وكل عام وانتِ وكل أم بخير .


ناقوس الخطر إذا تخطيناه سنغرق في بحر من الظلمات. 


الأم هى الصخرة التي تقف متأهبة من أجل إسنادك، هى الصديق الحقيقي الذي يزيذ في وفاءه لك ولا يتغير مع تغير وتقلب الزمان ، هى النجمة اللامعة في العالم المظلم المحيط بك وبغض النظر عن صعوبة الأمور في بعض الأحيان الا أنها تظل دائمًا موجودة من أجل الحماية والدفاع عن أولادها فهى جنة الله فالأرض فنبع حنانها يفيض ، فهى تعطي دون النظر إلى اي مقابل. 


اللهم أجعل أمي من سيدات أهل الجنة واحفظها من كل سوء وأمهات الجميع. 

       آمين يا رب العالمين ،،


تقطن( الحاجة فريدة) في احد المنازل البسيطة التي تنم عن حالتها الفوق متوسطة والتي تعتبر ميسورة إلى حد ما يجعلها لا تحتاج الى إعانة من أحد فزوجها ترك لها راتب وفير يكفيها لقضاء احتياجتها من مأكل وملبس وعلاج وأشياء أخرى 


تخطت عامها الستون ولا تزال تتميز بجمال وجهها المصحوبة بتجاعيد ذادته هيبة مع لونه الأبيض الذي يعكس نورها من الداخل وتتمتع بصحتها الجيده برغم تقدم عمرها مما يجعلها  تقوم بكل مهامها اليومية دون الأحتياج الى مساعدة من أحد، برغم كونها أم لخمس أولاد ثلاث من الرجال وفتاتين تزوجوا جميعاً ولم يتبقى سوى أصغر ابنائها ( سامر) والذي تعدى الخمس وعشرون عاماً ويرفض الإرتباط بأبنة عمه( هيام ) برغم ما تكنه هي له من مشاعر ولكنه لا يبادلها هذه المشاعر مما يحزن  والدته عليه لأنها لا تتمنى له أفضل من هذه الفتاة التي نشأت وتربت بين أحضانها مع أولادها فهيام مرتبطة بزوجة عمها نظرا لأنها فقدت أمها وهى صغيرة وتولت فريدة بعدها تربية الصغيرة الى ان تزوج أبيها مرة أخرى  ولكن الحاجة فريدة لم تبعد هيام عن قلبها فدائماً كانت لها أم بديلة بل وتشاركت مع زوجة أبيها (أمل) والتي اصبحت بعد ذلك هى الأخرى صديقة لهذه الأم التى تعتبر للجميع نبراس للحنان فالكل يعتبر الحاجة فريدة أم له، ويحرصون على الاستماع رأيها السديد والاستمتاع بمجلسها الطيب فبيتها مفتوح دائما وممتلئ برغم وحدتها فاولادها جميعاً مستقلون بحياتهم دون سامر فهو الوحيد الذي يقطن معها لكونه غير متزوج.


عودة للماضي...


تعود بذاكرتها إلى أكثر من خمسة عشر عاماً وهي تقف أمام غرفة العناية المركزة بإحدى المشافي وقد أصابها الهلع بعدما وجدت حركة غير عادية بين طاقم التمريض، لتهتف قائلةوهي تتشبس في ملابس إحدى الحكيمات قائلة: لو سمحتي يا نرس ارجوكي قولي لي في ايه بيحصل جوة، بالله عليك قولي لي.


الممرضه بياس وإحراج فحاله زوجها لا تبشر باي خير، غير مستقره مما جعلها تقول: 

_بصراحه مش عارفه أقول لحضرتك إيه، عموماً إن شاء الله خير، إدعيله أنتِ بس.


تجمع حفنة من الأولاد والبنات حولها بعدما ارتفعت شهقاتها، لتحتويهم هي جميعاً وتربت فوق أكتافهم ،حتى تهدأ أنفاسهم جميعاً ، لتستنشق بعدها الهواء وتبتلع غصتها حتى تستطيع أن تقول: أدعوا لبابا ياولاد، أنه يقوم بالسلامة ويتجاوز المرحلة دي، لازم نجمد كلنا.


تأتي بعدها إحدى الممرضات مهرولة لتقول: مدام فريدة، جوز حضرتك عيزك أنتِ وابنه كمال.


تتسابق في خطواتها لتستقر أمامه وتنحني عليه لتكون بين كفيه التي مدت نحوها وهى تقول: ألف سلامة عليك يا حبيبي، أن شاء الله تقوم لينا بالسلامة.


الزوج بوهن: معلش يا فريدة، تعبتك معايا.


تحدثت من بين بكائها: متقولش كده يابو كمال، أنت هتقوم لينا بأمر الله، وعمر وجودك معانا ما كان تعب يا حبيبي.


اجابها الزوج بحزن شديد: معلش كان نفسي ارجع ليكم، لكن أمر الله ممنوش مفر، ربنا يعينك ويعوضك خير على صبرك معايا يا فريدة.


قالها ليتوجه بعدها نحو الشاب الذي يقف في تية  وحزن مما يشاهده وهو يقول: كمال يا بني، خلي بالك من أمك، واخواتك البنات أمانة في رقبتك، واخواتك الصبيان لازم تكون صديق ليهم.


أومأ له الشاب وهو يزرف الدمع، فالقدر حكم عليه أن يكون في المقدمة ولكن هل سيكون أهل لهذه الثقة التي حملها له الأب؟ أم أنه سيتنصل من تلك الأمانة التي تركها له أبيه في أخر لحظاته؟


كانت كلماته تخرج متقطعه لينتهي وهو يلفظ الشهاده وتصعد الروح البارئها لتبدا هي حياه جديده تكون فيها الأب والأم في نفس الوقت لتعود الى واقعها.


عودة للحاضر.


لتقف في اشتياق أمام  صورة فوتوغرافية كبيرة تحتل واجهة غرفة المعيشة والتي تعتبر مقرها الأساسى فهى تقطن بها طيلة الوقت تستعيد ذكرياتها معه هذا الزوج الذي كان خير انيس وجليس لها فهم تشاركا سوياً تربية الأبناء بينهم في سعادة برغم مشاكل عديدة مرت بهم،وذاقا معاً حلو الحياة ومرارتها الا أنه كان دوماً خير السند لها الى أن لاقى  لقاء ربه منذ أكثر من خمسة عشر عام تركها تجاهد مع أبنائها فهو لم يحضر غير زفاف أبنهم الأكبر (كمال) وابنتهم( ابتهال) وقامت هى بمساندة ابنها الأوسط (رأفت) حتى أتمم زواجه وبعدها ابنتها الصغرى (رهف)  وها هى تجاهد مع هذ السامر  وقلبها يتمنى ان تسعد بزواجه هو الاخر غير عابئة بهجره لها هو الأخر لا يهم مادام سيكون في حال أفضل بعد ذلك انتهت من قرأة بعض آيات القرآن وبعض من الأدعية وتوجهت حيث اريكتها المفضلة لتستريح قليلًا وتواصل عملها اليومي وهى تتمتم بعض الأذكار والأدعية.


نهضت لتصنع فنجانها اليومي من الشاي المزود بالحليب قبل ان تبدأ في برنامجها اليومي فكبتت في داخلها حزنها الدفين ولوعتها من ما إقترفوه ابنائها في حقها فهي لم تتخيل ان تقف معهم في هذا الموقف ماذا فعلت حتى يتعامل اولادها معها بهذا الجفاء  فمن الواضح انها تهاونت في حقوقها كأم بينهم، لقد غلبت عليهم الأنانية وتفضيل مصلحتهم الشخصية عن قيمتها امامهم، استغفرت ربها ودعت لهم بالهداية فقلبها ابى أن يقوم بالدعاء عليهم فبرغم قسوتهم عليها الا أن عطفتها كأم غلبت حزنها منهم جلست تستعيد بذاكرتها فى البارحة وهى تستقبل يومها بسعادة كأي ام في يوم عيدها فضحكت سخريتًا حينما ظنت لوهلة أنها ستنعم بيوم حافل ملئ بالسعادة في قرب ابنائها فكم كانت في اشتياق لتجمع ابنائها حولها في مثل هذا اليوم تنهدت في الم ونظرت الي جوالها القاطن بجوارها والذي أصبح انيسها الوحيد فهو أصبح نافذتها على العالم الخارجي فأغلب اليوم يكون في قبضتها تتجول بين صفحات مواقع التواصل التي تحمل اسماء أولادها  لتستشعر وجودهم حولها وتتخذ من تطبيق الواتساب مقر لها تتجول بين  ارقام هواتفهم لتتواصل بهم ، ففيه تطمئن عليهم من خلال الحالة الخاصة التي يبثها كل واحد منهم فتجعلها في حالة قرب منهم غير عابئة بنفسها مادام هم بخير.


فرت دمعة حبيسة من مقلتيها فجففت مقلتيها بباطن كفها فور استشعارها تلك الدموع الساخنة التي انسابت رغم عنها وسحبت شهيقها واخرجته عازمة على إنهاء تلك المهزلة وعادت لتتذكر مرة أخرى يومها الماضي .

عودة ليوم مضى.


بعد أن استيقظت من النوم صباحا ومع اذان الفجر لتؤدي فرضها حاضراً، جلست لتتمتم ببعض الأدعية والايات القرآنية ثم بدأت في وردها اليومي بالدعاء لامواتها الذين تركوها واحداً يلي الآخر فامها وأبيها وزوجها واخيها الأكبر تركوها وحيده بين أولادها الخمسة وبرغم وجود إناس كثيرون في حياتها إلا أنها تظل وحيدة في عالم أولادها الاغراب عنها الذي انغمس كل واحد منهم في حياته ..أرتفع رنين جوالها ينم عن اتصال مرئي بينها وبين صغيرتها رهف الذي فرض عليها زواجها بالغربة في أحد البلاد العربية التي يعمل بها هو إلا أنها الوحيدة التي تقوم بالتواصل مع امها بشكل دوري وتتقدم هى بالمبادرة بالاتصال دوماً،رفعت جوالها بابتسامة وحركت إشارة القبول وفتح الخط بينهم لتظهر صورة لطفلين جميلين يردد بفرحة ..اغنية العظيمة وردة..

       كل سنة وانت طيبة يامامتي وبعوده الأيام.. تفرحي وتتهني وفعيدك نغني ونضرابك سلام ..


كانت تتمتم معهم بكلمات الأغنية في حبور وسعادة 

لتشاركهم الأغنية وتقوم بالرد 


-"ياحبيبي يا حلوين ياحبيبي ياطعمين ويخللكو ماما ويخللكو بابا على طول السنين


لم تكن تغني بصورة سليمة لكلمات الأغنية ولكنها أحبت أن تشارك احفادها التؤم (ريم وكريم) وابنتها التي ظهرت توا الى الشاشة الصغيرة التي بين يديها لتقابلها بابتسامة عريضة من قلبها ممزوجه بحنين وعطف وهى تردد: حبيبة ماما وحشتيني اوي

وحشتيني اوي يانور عيني .


تقابلها رهف بحنين مماثل وضعف طفولي ممزوج بحبس العبرات حتي لا تنساب من مقلتيها: انتي كمان ياأمي وحشتيني اوي ..كل سنة وانت طيبة يا أجمل ام بالدنيا .


: وانت طيبة ياقلبي وفرحانه بحبيبي دول ..واخبارك انتِ و نديم جوزك ايه ؟.


اجابتها رهف بكل ود وحنين لصوت امها : إحنا تمام الحمد لله ونديم كويس بس انتي عارفه بيخرج من الصبح وبيرجع بعد العشا.


اردفت الام لتعين فتاتها : وماله ياحبيبتي ربنا يعينه ويوفقه ..وانتي خلي بالك من نفسك ومن الأولاد.. لازم كل زوجة تكون في عون جوزها يا حبيبتي.


رهف بيأس وملل: عارفة يا ماما بس أنا زهقت احنا اغراب وهو مش مخليني انزل أي شغل اسلي بيه نفسي ..الولاد بينزلو المدرسه وأنا بقعد فترات كتير لوحدي وبزهق وبيجيلي اكتئاب من كتر الوحده وهو مبيحبش الإختلاط بحد ومبيخلنيش أعمل صدقات مع حد لما خلاص جبت أخري ومبقتش قادرة.


الأم بمؤازرة لتعين فتاتها: خلاص ياعمري متعمليش فنفسك كده.. بس هو بيخاف عليكم وبيغير يعني بيحبك ومش حارمكم من حاجه ..ها تنكري؟


تنهدت رهف زافرة واردفت بتأفف: أنا عارفة ياست ماما انتي بتدفعي عنه ليه ؟!..انا الي بنتك على فكرة.. وهو بيحبني صحيح بس متملك فالحب ده.


ابتسمت فريدة على معاتبة ابنتها لها فكيف يخيل لها مثل هذا هل توجد ام على وجه الأرض تفضل أحداً على أولادها ولكنها تحاول ان تهداء بينها وبين زوجها لتعينها على حياتها فهى تري نديم زوج ابنتها انسان مكافح يصون ابنتها ويحبها ولكن هو كثائر البشر به مميزات وبه عيوب ولكن عيوبه تتداوي طالما لم يتجاوز فيها فمن حقه أن يغار على زوجته ويخاف عليها فاردفت لها:


_كده يا روفي فعلا انا بحب نديم وبدافع عنه بس لأني عارفة انو بيحبك اكتر من نفسه أنتي والولاد ولازم يابنتي تعيشي مع جوزك وتحولي معاه وتريحيه مش تنكدي على نفسك وعليه والولاد يتعبو بينكم. 


حركت رأسها بإيماءة بسيطة متفهمه بعد أن اقتنعت بكلام أمها فهى الوحيدة التي تستمع لها وبفضلها تستمر حياتها مع هذا الزوج المتملك الغيور فتردف لأمها بامتنان: 

_ياحبيبتي يا ماما مش عارفه من غيرك كنت عملت ايه.. أنتي اللي بتهوني عليا العيشه دي.


تقابلها أمها بعين دامعة: متحرمش منك أبدا يابنتي أنتي وأخواتك يارب. 


عقدت رهف بين حاجبيها واردفت: صحيح ياماما اومال أخواتي فين مش شايفه حد جامبك والا لسه مصحيوش.


أغمضت عينيها وحاولت ان تواري ما بداخلها من حزن فهى كانت عاقده مع اخواتها اتفاق بالا يتركا امهم بمفردها وأن يتناوب الجميع في انتظام لمراعتها وقد استمر هذا الأمر بينهم ولكن ليس بكثير فقد اخذتهم الدنيا بعيدا واصبحوا يتباعدون يعتمدون على مهاتفتها فقد للاطمئنان عليها بعدما كانوا يتسابقون في القدوم إليها بشكل دوري بينهم وإلى أن اصبحوا يتعللون لها بالظروف فاردفت مطمئنة لها: أخواتك بخير يا حبيبتي.. بس هما فبيوتهم هيجو اليوم .. هما متفقين معايا أنهم هيجوا على الغداء.. وسامر انتي عارفة مبيصحاش دلوقت لسه فاضله ساعتين على ميعاد شغله.


حركت رهف رأسها يائسة من تصرفات أخواتها فهى تيقنت أنهم لم يوفوا  باتفاقهم معها ولن يعملوا به فحزنت من أجل أمها، وتمنت لو إنها مازلت بجانبها ولم تجبرها الظروف بمرافقة زوجها إلى هذه الدولة التي تبعد  آلاف الأميال عن حضن أمها.


اصابتها حالة من التيه والتخبط في أفكارها وعزمت على محادثة زوجها بعد قدومه من الدوام في أمر عودتها ولو لفترة حتي تستعيد نفسيتها المحطمة من هذه الغربة، واردفت بعد محاولتها الثبات امام أمها: تمام ياست الكل واكيد الوليمة فيها محشي بجميع الأصناف.


قابلتها الأم بضحكاتها التي تزيدها إشراقة أمام ابنتها وهي تتذكر محبة كل واحد منهم لنوع محدد وحرصت هى على أن تصنعه لها فاردفت: طبعاً لازم محشي الكرنب لكيمو والبتنجان لرأفت وورق العنب لسامر والكوسة والفلفل لاختك ابتهال ثم أكملت بأسف: يا ريتك هنا أنتي كمان كنتي شاركتي سامر في ورق العنب أنا عارفة انك بتحبيه. 


اردفت بعد أن أستشعرت حزن أمها: تسلم ايدك يا امي واكملت متنهدة: هانت ياقلبي الأجازة قربت وهنزل على طول وابقي اعمليلي كل الأصناف الى بحبها من إيدك وهكون معاكي وساعدك كمان.


اجابتها الام بكل حبور: لا تعالي انتي وملكيش دعوه انا بخلي ام سعد جارتنا تشتريلي الي عيزاه كله متوضب وجاهز على الحشو والست مبتتأخرش وبتبعتلي مرات أبنها سعد بالطلبات وبتسعدني وانا برضيهم زي مانتي عارفه.

واكملت مستطردة:

_وكمان هيام ومرات  عمك بيسعدوني.


 ظلت تتجاذب الحديث مع أبنتها، تبثها الحنان من خلال شاشة الجوال وقلبها يتشوق لملامسة كل انش في وجه فتاتها فهى الوحيدة التي تشعرها بأمومتها برغم أنها تقطن عن بعد في دولة غريبه تواصلت معها لأكثر من ساعة، ليستيقظ شاب متوسط الطول وسيم الى حد كبير يرتدي ملابس بيتية وشعره مشعس لياتي خلفها ويظهر معها في الكادر الخاص بشاشة الجهاز ويبدأ في مداعبة أخته التي تكبره بعامين فقط فيحدثها وهو يلاعبها بعينيه ويشير لها براحة يديه: روفي الجميلة عامله إيه وحشتيني.


تقابله الأخري بمداعبته بتحريك عينيها وغمزة مماثلة له: سمور عامل ايه راجل .. إيه الي صحاك؟ كنت لسه هقطع ففروتك مع ماما.


سامر وهو يلوح بيديه: يااا ساتر مش هتسبوني في حالي انتي والست الوالده .. أنا بقولك عامله ايه يارخمة ..تقوليلي هقطع ففروتك..طب خسارة فيكي السؤال.


تلكزه أمه بكوعها بخفة وتردف له بغيظ طفيف: اختك عايزه تتطمن عليك يا عبيط..وانت دبش كده.


عقدت بين عينيها واغمضتها وتوعدت لأخيها بأنها ستكشف ستره أمام والدتها فهى تعلم عنه ما تجهله أمها: تصدق انك رخم وانا الي كنت هسألها على العروسه بتاعتك ،واقنعها بيها يا غتيت.


نظر لها شزرا وهو يطالعها من خلال شاشة الجوال وهو ينعتها بداخله بلفظ سئ كحال موقفه الأن أمام والدته التي صمتت لما تفوهت به ابنتها في حق أخيها وسؤالها له الذي ينم عن معرفتها بشئ تجهله هى مما جعلها تحزن قليلاً ولكنها تجاهلت الموقف واكتفت بإيماءة بسيطة وضحكة ساخرة وهي تهاتف ابنتها وهي تتفوه بأسف بقهقهة ساخرة: هههه مامة إيه بقى؟ هو بقى فيها ماما.


اردفت رهف في تصحيح لأمها بعدما شاهدت الحزن الذي غلب عليها من حوارها مع أخيها الذي قذفها بوابل من العزف القبيح ونعتها بالرخامة وتوجه الي حجرته ليجمع شجاعته لحين انتهاء أمه من مهاتفة تلك السمجة التي هدمت تخطيطه نحو مصارحة أمه بأمر خطبته من فتاته التي ارتبط بها سراً دون اخبارها خشية من عدم موافقتها وهو كان في طريقه إلى هذه المصارحة ولكنه تفاجأ بهذا الحوار دون ترتيب منه


_حبيبتي اوعي تزعلي نفسك بس الأستاذ كان حكالي أنا ونديم على ارتباطه ببنت جميلة ومن عيله وكان عايز يفاتحك فى الموضوع لكن هوا اللي جبرني أتكلم بغبائه. 


تملك فريدة نفسها واردفت بحزن: يعني خلاص بنت عمك الي شرياه يقلب عليها كده ويسبها ويروح لوحدة لا نعرف اصلها ولا فصلها. 


اردفت رهف في محاولة إرضاء والدتها: ياماما هو احنا الي هنتحوز والا هو؟  سيبيه يجرب. 


اردفت فريدة بيأس ساخر: هههه اسيبه يجرب ويضيع البنت الغلبانه من ايده دي شرياه وعرفه ظروفه الصعبة ولا طالبه حاجه زي البنات لكن هقول ايه ملوش فالطيب نصيب. 


انهت الحوار مع ابنتها بالدعاء لها وعادت من جديد تتصقح موقع التواصل لتشاهد وتبحث عن تلك العلامة الخضراء التي تنم عن اتصال ابنائها الأن حتي تراسلهم ولكن هم للأن ليسوا  متواجدين.. فلا بأس بارسال بعض الصور المحملة بالدعاء لهم فهى تتفنن في استخراج هذه الملصقات وتسكينها على جهازها المحمول لحين الأحتياج إليها فهى بشكل يومي تراسل اصدقائها ببعض هذه الصور كوسيلة للتواصل معهم فمثيلاتها كثيرات يشعرن بالوحدة ويتشاركن في هذا العالم الالكترروني ليقضين بعض الوقت حتى لا يشعرن بالحزن جراء الوحدة وبعد نشر وردها اليومي من الدعاء على صفحتها العامة تغلق جهازها وتتوجه ألى حجرة سامر الذي فر سريعاً من أمامها قبل أن تنتهي من محادثة اخته ..لتردف له بعتاب: ها ياأستاذ مش ناوي تقوم علشان تفهمني ايه الكلام الي اختك بتقول عليه دا.


زفر شهيقا قد استنشقه سابقاً في ضيق فموقفه أمام والدته لا يحسد عليه فهو تقدم لفتاة بالفعل دون الرجوع لها ولكنه سيحاول إيضاح الأمر لها فاردف في خزي: حاضر يا ماما هقولك على كل حاجه أنا ..قاطعته هى  متفوهة: قوم أدي فرض ربنا عقبال ما اعملك حاجه تغير بيها ريقك الأول وبعدين نتكلم .


حرك رأسه بإيمائة الموافقة ونهض ليتوجه الي المرحاض في صمت وتوضاء وقام بأداء فرض الله ودعا ربه أن ينول موافقة امه ورضاها لما ينوى فعله ، أنتهي سامر من صلاته واستعدل من هيئته وتوجه لغرفة المعيشة وجلس بجانب أمه التي أعدت له كوب من الشاي المزود  بالحليب ومعه بعض المعجنات المقرمشة احضرتهم حتى يقتات بهم اولا قبل أن تتناقش معه في هذا الأمر الذي كان يخفيه عنها .


ينتهي سامر من تناول طعامه ويتوجه الى والدته بخزي وهو يتفوه: ماما انا أسف على الموقف ده بس دي حياتي وانا معملتش حاجه غلط غير اني اخفيت عنك موقفي وده لأنك مصممه على هيام وانتِ عارفة اني مش موافق على ارتباطي بيها.


تفوهت الأم بألم وهى تحدجه بأندهاش فهذا ليس ولدها الذي كان مغروم بأبنة عمه: اه ودا يديك العزر انك تاخد خطوة زي دي من غير ماترجعلي.. وبعدين بنت عمك مالها مانت كنت هتموت عليها.. ايه الي غيرك.. تقدر تفهمني؟ وبعدين مين الناس الي رضيوا بيك من غير أمك وأهلك والا أنت قلتلهم انك معدوم الأهل والعزوة.. دالي ملوش كبير بيشتريله كبير يابني ..والا خلاص مبقاش ليا عازه وسطيكم؟


سامر بحزن لحال أمه فهو بالفعل اخطاء ولكنه ظن وقتها ان هذا هو الحل الأمثل حتي يخرج من حصارها في تزويجه من ابنة عمه التي لم يعد يراها كما كان في الماضي: 


_أسف ياامي انا مقصدتش كده وبعدين انا مأخدتش خطوه رسمي لسه الموضوع تعارف وحضرتك الي هتيجي معايا تتممي الموضوع ان شاء الله ..وانا أخدت رأى اخواتي كلهم وهنقعد نتكلم اليوم ان شاء الله. 


حركت رأسها يائسة من تفكير ابنها الخاطئ واردفت: براحتك يابني مش أنا الي هتجوز بس دي هترضى تعيش معايا والا هتاجر شقة وتسيبني انت كمان. 


سامر  بتيه وتخبط في افكارة فهو شغله الشاغل الأن موافقتها: لسة مقررناش.. كل حاجة وليها وقتها ياست الكل.. المهم إنك وافقتي واللي بعد كده ربنا يسهله.


ضحكت ساخرة فهو كان دائم المحاكاة بأنه لن يتركها حتى بعد أن يتزوج ولكنه من الواضح أنه عدل عن هذا القرار ولكن كقلب ام تألم من معاناته، فكيف سيستطيع الإلمام بكل هذه الأمور التي تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة كيف له أن يدبر هذه المبالغ التي تساعده على استأجار سكن جديد وشراء مستلزماته من أثاث وشبكة ومصاريف زفاف هى بكل جهد ستقف بجانبه لا محالة ولكن المال التي تقتنيه هو نقطة في بحر فأمور الزواج تحتاج إلى مبالغ طائلة تنهدت زافرة وهي تتمتم : ربنا المعين يابني ويقويني اني اقدر اساعدك اشوف اخواتك هيقفوا جمبك ازاي؟.....


لقراءة باقي فصول الرواية اضغط هنا 👇

(روايه إشارة حمراء )

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-