جديد

روايه انا لها شمس الفصل الرابع عشر 14 بقلم روز امين

 روايه انا لها شمس الفصل الرابع عشر 14 بقلم روز امين 





 

  رواية أنا لها شمس الفصل الرابع عشر بقلم روز امين



«ما بالك أيها العاصي العنيد،أما اتفقنا أن تكون لي دِرعًا أتوارى خلفه وأصد به ضربات الهوى الموجعة!،لقد عاهدتني بأن تُلقي في غياهب الجُب دقاتك ووعد الحر دينًا، لما الأن تتخلى عني وتُلقي بوعودك عرض الحائط لأجل عيناه، عُد سالمًا إلى قواعدكَ ولا تخزلني ولا تكن مثلك مثل الجميع.»

إيثار الجوهري

بقلم «روز أمين» 


استيقظت بصداعٍ نصفي ينهش برأسها ويكاد أن يشطرها لنصفين من شدته،تألمت روحها وتوجعت حتي وصلت للفتور، فما عادت الدموع تغسلُ قلبها كما كانت،ولا الشكوي تُريح روحها المُتعبة،فاتخذت من الصمتِ ملاذاً لها وأودعت أمرها إلي بارئها كي يجعل لها مخرجاً من براثن أعدائها الكُثر،أخذت نفسًا عميقًا لتجدد بهِ عزيمتها المنهارة ثم تحركت للحمام وتوضأت وخرجت ترتدي ثياب الصلاة لتُشرع بصلاة ركعتي الضحى ثم تجهزت وارتدت بذلة باللون الأسود إعتلاها حجابًا باللون النبيذي لتُلقي نظرة أخيرة تقيم بها هيأتها قبل أن تنطلق إلى الخارج متجهة صوب المطبخ،لتجد عزة تقوم بتجهيز الفطور فاتجهت صوب الصغير الجالس حول الطاولة يتناول كأس حليبه لتميل عليه واضعة قُبلة فوق رأسه ليهتف الصغير متفاخرًا بحاله بانتشاء:

-شفتي يا ماما أنا شاطر إزاي،لبست يونيفورم المدرسة لوحدي. 


-شطور يا حبيبي،چو ده أجمل واشطر حد في الكون...نطقت كلماتها الحماسية وهي تجذب المقعد لتجلس عليه لتهتف عزة بسعادة بعدما انضمت إليهما بالجلوس وشرعوا بتناول الفطور:

-دخلت علشان اصحيه والبسه لقيته جاهز زي ما انتِ شايفة

ابتسامة منطفأة خرجت من جانب ثغرها ليسألها الصغير بعدما رأى ملامح غاليته يكسوها الحزن والالم:

-مالك يا مامي،إنتِ زعلانة ليه؟


انتبهت على سؤال الصغير الذي نطقه بكثيرًا من التأثر لتنزل كلماته الصادقة على قلبها تزلزله مما جعلها تتحدث سريعًا كي تنزع من قلبه أية خوف بشأنها: 

-أنا كويسة يا حبيبي، مين قال لك بس إني زعلانة


عيونك...نطقها ببراءة لتبتسم مطمأنة إياه: 

-عيوني منفوخة علشان منمتش كويس، كان عندي ملف مهم سهرانة عليه


رفعت عزة حاجبها لتسألها بشك بعدما تمعنت بملامحها وتأكدت من شك الصغير:

-مالك يا إيثار،فيه حاجة حصلت في الحفلة إمبارح؟!


تلاقت أعينهم لتتمعن عزة بالتعمق قابلته إيثار بالصمت فعلمت الأخرى أن بها شيئًا ما لتهتف بقلبٍ مرتعب: 

-إيه اللي حصل يا بنتي؟ 


-مفيش حاجة صدقيني

تنهدت عزة لتُمسك إيثار بكوب قهوتها ترتشف ما تبقى منه لتهب واقفة وهي تقول على عجالة: 

-يلا يا چو علشان اوصلك للمدرسة


-هو أنا مش هروح بالباص؟...نطقها ببراءة لتشملهُ بنظراتٍ حنون قبل ان تُجيبهُ بما أسعد قلب الصغير: 

-حابة اوصلك بنفسي علشان نعدي على محل الحلويات أجيب لك الكرواسون اللي بتحبه تاخده معاك 

-ياسلااااام،إنتِ أحلا مامي في الدنيا...نطقها بتصفيقٍ حاد تحت بادرة سعادة تشق قلبها لتخرج من تحت الركام،ساعدت عزة الصغير والبسته المعطف لتمسك إيثار بكف الصغير استعدادًا للتحرك لتهتف عزة قائلة:

-هتحكي لي لما تيجي


-خلاص بقى يا عزة...نطقتها بضجر بعدما نفذ صبرها من تلك الفضولية،تحركت بجانب الصغير ورافقتهما عزة حتى استقلا المصعد الكهربائي ليهبطا، تحركت ممسكة بكف صغيرها وما أن خرجت من باب البناية حتى اتسعت عينيها وتحول داخلها لمشتعل،وكأن ما كان ينقصها هو رؤية ذاك الشخص الذي ما كرهت بحياتها مثله،إنه عمرو الواقف وبجانبه سيارة تشبه تلك التي جلبها لصغيره في ذكرى يوم ميلاده بعدما قرر إصلاح ما أفسداه والديه ولكن بعد ماذا، فدائمًا ما يصحو متأخرًا ويأتي بعد فوات الاوان،هتف الصغير باسم أبيه وهو يهرول إليه ليُقابلهُ الاخر بحفاوة حاملاً إياه وبدأ يدور به بعدما غمرهُ داخل أحضـ.ـانه الحنون،زفرت بسأم حين وجدته يغمرها بنظراته الهائمة التي ما عادت تبغض أكثر منها،جاهدت حالها لضبط الإنفعال كي لا تفقد ثباتها وتقوم بتوبيخه وإبلاغه عن مدى كرهها الشديد له ولروئة وجهه البغيض،وما منعها عن ذاك إلا هذا الصغير الذي لا ذنب له سوى انه وُلد ونُسب لأبٍ حقير خائن بائع الود والعهود حيث ضرب بجميع المباديء والاخلاق عرض الحائط لينساق وراء غرائزه الحيوانية دون أدنى تفكير في من أودعته حياتها وحياة صغيرها بين يداه، وللأسف فاقت على كابوس قلب حياتها رأسًا على عقب، اقترب عليها وهو يحمل صغيره ليقول بنبرة تفيضُ عِشقًا: 

-إزيك يا إيثار


قالها وهو يشملها بنظراتٍ يملؤها الحنين لتشمئز وهي تقول بنفور وملامح وجه مكفهرة: 

-إيه اللي جابك؟ 


التف لخلفه يُشير إلى تلك السيارة الموضوعة بجانب سيارته والمزينة بأشرطة حمراء:

-جيت علشان أجيب لـ يوسف العربية اللي كانت عجباه


ابتسمت ساخره لتقول بتهكم: 

-قصدك العربية اللي جيبتوها له ومنعتوه ياخدها علشان تجبروه يضغط عليا بيها؟!  


-مامي جابت لي العربية خلاص يا بابي... نطقها الصغير ليسترسل بنبرة حماسية وهو ينظر لوالدته بسعادة: 

-أخدتني محل الالعاب وخلتني أختار العربية اللي عجبتني


شعورّا بالخزي اعتراه بعدما تيقن صغر حجمه بأعين صغيره والمرأة التي لم يعشق سواها بهذا الكون ليهمس لصغيره بنبرة يملؤها الندم: 

-حقك عليا يا حبيبي،أنا عارف إني إتأخرت عليك وإني كان لازم أجيب لك العربية من زمان

ليسترسل بابتسامة اصطنعها بإعجوبة: 

-بس ده ميمنعش إنك لازم تفرح علشان بدل ما كان نفسك في عربية بقى عندك إتنين


-معندناش مكان غير لعربية واحدة...نطقتها بحدة لتستطرد بذات مغزى: 

-مبحبش احتفظ في شقتي بـ كراكيب وحاجات ملهاش لا لازمة ولا قيمة. 


يعلم انها تقصده بحديثها لكنه والله لم ولن ييأس وسيظل يسترضيها حتى يُعيدها لحياته من جديد لينعم بقربها داخل أحضـ.ـانه،ابتسم وتحدث بصوتٍ حنون في محاولة للتأثير عليها كما كان يحدث بالماضي لكنه غفل عن موت الماضي بالنسبة لتلك التي لم تعد كما السابق: 

-معلش يا إيثار،خليها علشان يوسف ميزعلش. 


نظرت لصغيرها لتقول له بابتسامة حنون كي لا يستمع لما سيقال ويخلق لديه عقدة: 

-إستناني في العربية علشان عاوزة بابي في موضوع مهم يا چو...هتف الصغير وهو يستعد للإفلات من داخل احضان والده: 

-حاضر يا مامي

قبل صغيره بوجنته قبل أن يُفلته ليهرول الصغير إلى السيارة مستقلاً مقعده المجاور لوالدته لتقول هي: 

-يوسف زعل لما إتمنع واتحرم من إنه يحتفظ بحاجة عجبته وحبها...قالتها لإشارة لما حدث من إجلال لتستطرد بابتسامة متهكمة:

-لكن إيه اللي هيزعله لما يستغنى عن حاجة هي بقت موجودة عنده أصلاً، وصلت متأخر كالعادة

ياريت تكون فهمت قصدي يا أستاذ عمرو


ابتلع لعابه خجلاً ليتحدث بنظرات توسلية:

-طب علشان خاطري خليها للولد،أنا خلاص إشتريتها،وإنتِ عارفة إن الحاجات دي مش بترجع،هرميها في الشارع يعني؟


هتفت بقوة بذات مغزى:

-وترميها ليه،إديها لبنتك اللي خلفتها من صاحبة الصون والعفاف.


انتابه شعورًا باليأس والخجل بعدما ضغطت على الماضي بكل قوتها وهي تذكره بذلته اللعينة،أنزل بصره لتهتف وهي تنظر له بقوة: 

-أكيد المحامي بلغكم بقراري بخصوص رؤية يوسف،ومش بعيد تكون الست إجلال هي اللي باعتاك لحد هنا بالعربية علشان إيثار الهبلة تتنازل وتبعت لكم الولد تاني

لتسترسل بنبرة تملؤها القوة والصمود:

-بس ده مش هيحصل،أنا مش مستعدة أهد كل اللي ببنيه وانا بحاول اصنع من إبني بني أدم بنفسية سوية

ثم أشارت بأصبع يدها السبابة وهي تقول بنبرة تهديدية: 

-مش هسمح لأي مخلوق يأذي إبني ويفقده سلامه النفسي لمجرد إنه ينفذ تخطيط حقير لتركيعي

رمقته بنظراتٍ كارهة وهي تتابع بتهديدًا مباشر: 

-ياريت ما تضطرنيش أقول الكلام ده تاني لأن المرة الجاية مش هيبقى مجرد كلام، ده هيبقى بلاغ رسمى للمجلس القومي للطفولة والأمومة وكل المنظمات المسؤلة عن حماية الطفل

واستطردت بنبرة مبطنة بتهديدًا قوي: 

-وأظن الحاج نصر في غنى عن كل ده، الراجل داخل على إنتخابات ومحتاج السمعة الكويسة، متنساش تبقى توصل له الكلمتين دول هو والست الوالدة


-ليه كل ده يا إيثار، إنتِ عارفة إن مفيش أغلى منك إنتِ ويوسف في حياتي،وعمري ما هسمح لحد يأذيه بأي شكل...نطقها بضعفٍ وعيون متوسلة لتهتف بقوة ونظراتٍ نارية: 

-مجرد إنه منسوب لإسمك ده لوحده بيأذيه،ومرة تانية لو سمعتك بتجيب سيرة غلاوتي ههينك أكتر من كده

رمقته بحدة أكثر لتسترسل بنبرة يملؤها الغضب:

-إبعد عني واحمد ربنا إني مشوهتش صورتك قدام إبنك وده مش علشانك، لا، ده علشان مصلحة إبني، علشان مخرجش للمجتمع بني أدم مشوه

ثم استرسلت بتهديد: 

-وإحمد كمان ربنا إن إبنك معايا الوقت،مرة تانية لو شفتك قدام العمارة هبلغ البوليس، وأظن إنتَ فاكر إني عاملة لك محضر عدم تعرض

واسترسلت بابتسامة ساخرة:

-يعني هتتروق في القسم لو بلغت فيك يا عمور


نطقت كلماتها المقللة لشأنه لتسترسل وهي تتحرك صوب سيارتها:

-قول لبابي باي يا يوسف علشان مضرين نتحرك علشان ألحق أوصلك للمدرسة قبل ما اروح شغلي


رد عليها بدلاً من صغيره وهو يلهث خلفها: 

-خليني أوصله وإنتِ روحي شُغلك علشان ماتتأخريش


ابتسمت ساخرة لتجيبه بعدما التفت لتواجهه: 

-تفتكر انا ممكن أأمنك عليه بعد اللي شفته على اديك؟


تنهد بألم لعلمه مدى غضبها منه ليقترب منها قائلاً بنبرة حنون: 

-أنا عارف إنك محبتيش حد في الدنيا كلها غيري، وإن كل كلامك الجارح ده خارج من ورا قلبك،علشان كده مش زعلان منك بالعكس،أنا نفسي تديني فرصة تانية علشان أنسيكِ اللي حصل،هعيشك ولا البرنسيسات يا إيثار

واستطرد بحماس وانتشاء:

-أنا بقى معايا فلوس كتير قوي بعيد عن فلوس ابويا،هعيشك إنتِ ويوسف ملوك على الارض،بس إنتِ وافقي وارجعي لحُضني تاني...نطق كلماته الاخيرة باستعطاف لتبتسم ساخرة وهي تقول:

-مسكين،لا وغبي كمان

نطقت كلماتها لتستقل السيارة فأشار الصغير قائلاً لـ أبيه:

-باي باي يا بابي. 


أشار للصغير ووقف بقلبٍ يتمزق ألمًا وندمًا يتابع حبيبته وهي تنطلق بسيارتها حتى اختفت عن عينيه،اعتدل ليستقل سيارته فوجد سيارة الصغير مما جعله يزفر بقوة ويتلفت حوله ليجد حارس البناية فأشار له ليأتي الرجل مهرولاً وهو يقول:

-نعم يا بيه


-خد العربية دي إديها لعيالك لو عندك أو إديها لأي حد...نطقها وهو يستقل مقعده لينطلق مسرعًا تاركًا خلفه الرجل مذبهلاً لارتفاع سعر تلك العربة. 


                             ********

ظهرًا

إنتهى من التحقيق بإحدى البلاغات ثم أشار لكاتب النيابة ليخرج وألقى برأسه للخلف مغمضًا عينيه لأخذ قسطًا من الراحة،لاحت بمخيلته دموعها وهي تنظر له بعينيها لائمتين، زفر بقوة فمنذ ما حدث بالامس وطيفها لم يفارق خياله حتى بنومه،اعتدل ليسحب الهاتف بعدما عزم أمره على أن يكرر إعتذاره من جديد،سحب نفسًا عميقًا ليضغط زر الهاتف برقم تلك التي كانت منكبة على مكتبها تتابع عملها على جهاز الحاسوب الخاص بها ليصلها صدوح رنين الهاتف،استدارت برأسها لترى من المتصل فزفرت حين وجدت رقم خاص، عادت ببصرها من جديد إلى شاشة الحاسوب تتابع ما تعمل حتى انقطع الاتصال لتتطلع إليه من جديد وغصة مرة وقفت بحلقها حين تذكرت كلماته المهينة وهي تنزل على كرامتها كسوطٍ، أما هو فاستشاط داخله وغضب من تجاهلها له، فقد عذر تصرفها بالأمس وعدم إجابتها على إتصالاته ولكن ما يمنعها الأن من الرد، كم تمنى أن يستمع لصوتها حتى يستريح ضميره الذي بات يجلده منذ ما حدث وللأن،حتى ولو هاجت ولامته مثلما فعلت بالامس،نهض وإلتف حول مكتبه ليقف أمام النافذة يتطلع إلى الخارج ثم زفر بقوة عله يُخرج ما بصدره من ضيق


أما هي فقد هبت من جلستها بحدة بعدما انتوت حظر رقمه فذهبت إلى هانيا لتسألها بملامح وجه متجهمة: 

-هانيا،هو أنا ينفع أعمل بلوك لرقم برايفت؟ 


هو فيه طريقة كده سمعت عنها ممكن نجربها ونشوف،وريني أخر مكالمة...مدت يدها وناولتها الهاتف وبلحظة حسمت أمرها كأن قلبها ثار عليها لتسحب الهاتف من جديد وهي تقول بصوتٍ مرتبك: 

-خلاص يا هانيا، مش مهم


اختطفت هاتفها وانسحبت سريعًا للداخل مما جعل هانيا تلوي زاوية فمها متعجبة تصرفها، ولجت لمكتبها وتحركت سريعًا لترتمي فوق مقعدها وجسدها بالكامل يرتجف لتهمس بسريرتها: 

-ماذا أصابك يا فتاة،أما زلتي تشعرين تجاههُ بذاك الإحساس اللعين؟ 

وضعت كفها على موضع القلب لتحدثه بعتاب: 

-ما بالك أيها العاصي العنيد،أما اتفقنا أن تكون لي دِرعًا أتوارى خلفه وأصد به ضربات الهوى الموجعة!،لقد عاهدتني بأن تُلقي في غياهب الجُب دقاتك ووعد الحر دينًا، لما الأن تتخلى عني وتُلقي بوعودك عرض الحائط لأجل عيناه، عُد سالمًا إلى قواعدكَ ولا تخزلني ولا تكن مثلك مثل الجميع. 

تنهدت بعمق ليخرجها صوت رنين جرس أيمن لتضغط مجيبة: 

-ايوا يا افندم


-تعالي لي حالاً يا إيثار وهاتي معاكِ ملف الصفقة الاخيرة... نطقها فانسحبت بعدما أخذت الملف المطلوب. 


مساء اليوم التالي 

طلب من إحدى العاملات أن تصنع لهُ كوبًا من عصير البرتقال الطازج وتخرجه له بالحديقة حيث اتخذ مقعدًا وجلس للاسترخاء أمام حوض المسبح،أخذ يفكر في من شغلت حيزًا كبيرًا من تفكيره وهذا ما جعله ينفر من حاله وبات يؤرقه مؤخرًا،ماباله هو ببنات حواء،ألم يعاهد حاله بالبعد عنهُن،فقد كره النساءُ وقرر مقاطعتهُن والنأي بحالهِ من براثن ألاعيبهُن بعدما عاشر تلك الحقيرة وأزاح الستارُ ليظهر وجهها القبيح،ترسخت بلُب عقلهِ فكرة أن جميعهُن فارغات عقلٍ وطامعات وجُل ما يدور بمخيلتهُن هو الحصول علي المال بأية وسيلة وفقط،فهل حضرت تلك الـ إيثار لتقوم بتغيير تلك الفكرة الراسخة وتُخرجهُ من ظُلماتِ أفكاره إلي نور جنتها! زفر بقوة وهز رأسهُ وكأنهُ ينفض تلك الأفكار الشاذة عن مخيلته،لا ينكر حزنهُ الشديد وسوء حالته المزاجية منذ ما حدث بينهما بالأمس، يكادُ يجزم بأن رؤية دموعها هي الأسوء على الإطلاق،فقد نزلت على قلبه كـ سياطٍ ألهبت بجلداتها كل ما قابلته وكانت كفيلة بأن تسحبه بدوامة الحزن إلى الان لم يستطع الخروج منها


فاق من شروده على صوت والدته حيث أقبلت عليه لتميل منحنية للأمام وهي تضع حاملاً به كأس العصير خاصته ليقول بابتسامة: 

-دكتورة عصمت بنفسها جايبة لي العصير، ده إيه الرضا ده كله يا دكتور


-طول عمري وأنا راضية عنك،إنتَ اللي عامل زي القطط...قالتها بمزاح لترتفع قهقهاته العالية، جلست بمقعدٍ مقابل له وتمعنت بعينيه لتسأله باستفهام: 

-مالك يا حبيبي؟ 


-مالي يا ماما!... نطقها بعينين متعجبة لتجيبه الاخرى بريبة: 

-مش عارفة من ساعة ما رجعت من الحفلة إمبارح وإنتَ متغير،حتى على الغدا ما نطقتش بكلمة واحدة

زفر بعمقٍ لتسترسل هي بمداعبة: 

-هو الموضوع عميق قوي كده؟! 

ضحك لمشاكسة والدته له وبسط ذراعه يلتقط به كأس العصير ليرتشف منه القليل ثم نظر لها بتمعن قائلاً: 

-إنتِ عاوزة توصلي لإيه بالظبط يا دكتور؟


عاوزة أعرف إبني حبيبي ماله...نطقتها بجدية ليجيبها بنبرة يُغلفها الندم:

-زعلت حد مني قوي،أهانته بدون وجه حق وبعدها إكتشفت إنه كان مظلوم وأنا اتسرعت في حُكمي عليه من غير ما أفهم الموضوع صح


تحدثت بعقلانية: 

-بسيطة،كلمه واعتذر له

لوى جانب فمه ليجيبها بنبرة حزينة: 

-حاولت أتصل بيه، بس رفض المكالمة


اعتدلت بجلستها لتقول بنبرة أكثر تعقلاً: 

-سيبه يومين يهدى وبعدها حاول تتصل بيه تاني،لما بنتجرح قوي بنحب نختلي بحالنا ونبعد عن كل الناس.


-عندك حق...قالها بموائمة لرأيها لتسألهُ بمكرٍ: 

-مش هتقولي مين اللي إنتَ زعلتها ومش قادر على بعدها دي؟ 


أطلق ضحكاتٍ عالية لتسترسل هي بدهاء: 

-مهو متحاولش تقنعني إن كل الزعل والحزن اللي ناطط من عينك وإنتَ بتكلمني ده علشان راجل! 

توقف عن قهقهاته ليجيبها بابتسامة ماكرة: 

-واحد صاحبي صدقيني


رفعت حاجبها باستنكار ثم أجابته بمشاكسة: 

-ماشي يا أبن سيادة المستشار، هعمل نفسي مصدقاك، بس هستنى اليوم اللي تيجي لحد عندي وتحكي لي فيه عن كل حاجة


لتسترسل بغمزة من عينيها: 

-وقلبي بيقول لي إن اليوم ده مش بعيد 


تطلع أمامه وبلحظة احتدت ملامحه وتحولت لقاسية ليقول بصرامة: 

-مش دايمًا إحساسنا بيكون صح، ساعات القلوب بتخدع وتظهر لنا صورة مُغايرة للواقع وبعدها نفوق على كابوس عمرنا. 


-إنسي يا فؤاد،إنسى وحاول تلحق اللي فاضل من حياتك، مش كل الستات نجلا، دور على واحدة بنت حلال تكمل معاها مشوارك...قالتها بتأثر لتسترسل برجاء وقد لمعت عينيها من إثر الدموع: 

-نفسي أشوف لك طفل يا ابني، متحرمنيش من إني أشوف ولادك بيتحركوا قدام عنيا يا فؤاد

وما أن نطقت بكلماتها حتى هاجمت تلك الذكرى المؤلمة عقله ولاحت صورة جنينه التي قتـ.ـلته تلك المجرمة بدون رحمة،إنه لشعورًا قاتلاً أن يصلك رفض امرأتك بل واشمئزازها من الإحتفاظ بقطعة منك داخل رحمها،وبلحظة احتدم غيظًا وهو يقول بصوتٍ حاد: 

-ماما أرجوكِ، أنا مية مرة قولت لك إني مبحبش السيرة دي،وإنت مصممة في كل مرة بنقعد فيها مع بعض إنك تفتحي الموضوع

انتفض واقفًا ليصيح مسترسلاً وسهام الغضب تُطلق من عينيه: 

-زي ما يكون بيصعب عليكِ أكون عايش رايق


قال كلماته وانطلق مسرعًا صوب الداخل لتتنهد وهي تتحدث بقلب إمٍ مقهور لأجل نجلها: 

-حسبنا الله ونعم الوكيل، ربنا ينتقم منك يا نجلا على اللي عملتيه في إبني

وكررت دعوتها بصوتٍ يصرخ ألمًا:

-ربنا ينتقم منك.


                                   ********

بعد يومان

ارتدى ثيابه بالكامل إستعدادًا لمغادرته والعودة لبلده بعدما قضى يومان داخل أحضـ.ـان زوجته السرية"شذى"ليستعيد رونق حياته التي سرقتها منه تلك المتجبرة سليطة اللسان الملقبة بـ إجلال، تحركت تلك الفتاة اليافعة بجواره لـ إيصاله إلى الباب لتقول بنبرة دلالية: 

-بقولك إيه يا بيبي، كنت محتاجة منك شوية فلوس


عيني ليكِ... نطقها بهيام ليسترسل بإبانة: 

-شوفي عاوزة كام وهحولهم لك على حسابك في البنك


-ربنا يخليك ليا يا حبيبي... نطقتها بدلال وهي تتحسـ.ـس صـ.ـدره ليقول بنبرة حماسية: 

-إصرفي على كيف كيفك واللي تعوزيه كله بإشارة واحدة يبقى تحت رجليكِ


ضحكت بسعادة لتقول بصوتٍ متردد: 

-طب كنت عاوزة اكلمك في موضوع تاني


وقف يقابلها ليستفسر: 

-خير

زاغت بعينيها لعلمها رفضه للموضوع لكنها قررت ان تتجرأ وتطلبه منه مرةً اخرى: 

-انا نفسي أرجع الشغل قوي، زهقت من قعدة البيت


-شكلك إتجنيتي يا شذى، عاوزة ترجعي الكبارية تاني؟!... نطقها بحدة ليسترسل بغضبٍ عارم: 

-مبقاش إلا كده كمان، مرات نصر البنهاوي عضو مجلس الشعب تقف تخدم على الزباين وتفتح لهم قزايز القرف اللي بيطفحوه


ربعت ذراعيها فوق صدرها لتهدر غاضبة باكفهرار: 

-وهو أنتَ يعني كنت عرفتني منين يا سيادة النائب؟! 


-عرفتك من شقة في حفلة خاصة كنتي واقفة تخدمي علينا، ولما دخلتي دماغي ونغششتي جواه عرضت عليكِ الجواز، وكان شرطي وقتها إنك تبطلي شغل وتبقي بتاعتي، وقصاد كده قولت لك إن كل الفلوس اللي هتطلبيها هتبقى تحت جزمتك... قالها بغضب ليسترسل بإبانة: 

-وأظن انا وفيت بوعدي معاكِ، ولا إيه يا بنت الناس؟! 


-يعني مفيش فايدة... قالتها بيأس ليقول بنبرة صارمة: 

-لو الكلام مش عاجبك نفضها سيرة وكل واحد يروح لحاله


ارتبكت وبسرعة البرق تغيرت لهجتها لتبتسم قائلة وهي تقترب ملتصقة به بدلال: 

-هو أنتَ محدش يعرف يهزر معاك خالص


-مليش في الهزار والكلام المايع، بحب اقطع عرق واسيح دم... كلمات حادة ذات مغزى نطقها لتبتسم وتميل عليه تضع قبلة مراضاة قبل ان يرحل، ابتسم بخباثة لعلمه كيفية التعامل مع تلك الطامعة. 


                                   ********


بعد مرور إسبوع ليلاً داخل مسكن عزيز الخاص،استغلت غياب عزيز خارج المنزل حيث ذهب هو وأبيه و وجدي لأداء واجب عزاء بأحد ساكني القرية، أمسكت هاتفها وضغطت زر الهاتف ليأتيها صوت تلك التي زفرت قبل أن تسألها بحدة: 

-عاوزة إيه يا نسرين؟ 


-هكون عاوزة إيه غير سلامتك يا حبيبتي...نطقتها بذات مغزى لتهتف متسائلة بسخطٍ ظهر بصوتها: 

-جهزتي لي العشر ألاف اللي طلبتهم منك؟ 


بنبرة ساخطة هتفت بحدة متهكمة: 

-ده على أساس إني ماكينة فلوس ومسخرة نفسي لـ تحقيق أحلام الاميرة نسرين؟! 


زفرت الاخرى بقوة قبل أن تهتف بضجر: 

-بلاش تستفزيني بكلامك زي كل مرة يا سُمية، مش كل ما أطلب منك قرشين مزنوقة فيهم هتفتحي لي تحقيق وتقعدي تقطمي فيا

لتسترسل لائمة: 

-أمال لو مكنتش أنا السبب في الخير اللي بقيتي فيه ده كله


هتفت باستنكار: 

-خير إيه يا حبيبتي، محسساني إني غرقانة في فلوس نصر البنهاوي وبغرف منها،يا حسرة ده أنا بالعافية بجيب طلباتي الشخصية، هي اللي إسمها إجلال مدية فرصة لواحدة فينا تتنفس بعيد عن سيطرتها، دي حتى الهدوم بتخلينا نروح نشتريها ومعانا الولية أم سلامة، بتستأمنها على الفلوس وتخليها تحاسب لنا على اللي بنختاره


صاحت نسرين بنبرة غاضبة: 

-سُمية، بلاش تتلائمي عليا وتقعدي تصيحي زي كل مرة، عاوزة تفهميني إنك مابتلهفيش من فلوس عمرو المتلتلة واللي أكيد مرمية عندك في كل حتة


إنتِ عاوزة إيه في ليلتك اللي مش فايتة يا نسرين...نطقتها بسأم لتصيح الأخرى غاضبة: 

-عاوزة العشر ألاف جنية يكونوا عندي بكرة،وإلا والله العظيم،أروح أفتن لعمرو وأقول له إنك كنتي بتستغليني علشان تعرفي كل تحركاته وتحاصريه لحد ما خربتي بيته

واسترسلت بتهديدًا مباشر: 

-ولا تحبي أقول له على الرسالة اللي وصلت ل إيثار على تليفونها اليوم إياه؟! 


ابتلعت لعابها وصمتت لتهتف الاخرى بغضب: 

-مش كفاية إنك استغلتيني وكنتي كل شوية تسأليني على أخبارها واخبار جوزها وأنا ماشية وراكِ زي الغبية، ده أنا كنت بخلي حماتي تتصل ببنتها تسألها أحوالكم إيه وجوزها فين وكنت بقنعها إن ده لمصلحتها علشان تاخد بالها منه، واخد منها الكلام واجري ابلغهولك. 


بصوتٍ حاد هتفت سمية: 

-نسرين يا حبيبتي،بلاش تعملي فيها البريئة أم جناحين وتحسسيني إن أنا الشيطان الأعظم،أنا من أول ما اتفقت معاكِ قولت لك وصليني بأخبارها مع جوزها أول بأول والباقي عليا،ولما عرفتي إني ناوية على جواز من عمرو الفرحة مكنتش سيعاكِ،أنا عارفة إنك بتكرهيها وكان مُنى عينك تكسريها،فبلاش تجي لي الوقت وتعملي فيها البريئة اللي انضحك عليها من سُمية  


هتفت بإبانة: 

-مش هنكر إني خططت معاكِ على كسرة إيثار علشان أشوفها مذلولة وأشفي غليلي، بس مش طلاقها وخراب بيتنا أحنا يا حبيبتي، إحنا خططنا سوا أه، بس إنتِ خططتي ولا الشياطين وكنتي متأكدة إن إيثار لما تشوفك في الوضع الزبالة ده وعلى سريرها لا يمكن ترجع تاني لعمرو

واستطردت بندم:

- وأنا اللي طلعت غبية وخسرت كل حاجة، خسرت العز اللي عمرو كان معيشنا فيه أيام ما كانت البرنسيسة في بيته،ده حتى الشغلانة اللي ربنا مَن علينا بيها من ورا نصر، رجع وحط لنا العقدة في المنشار وربط تمامها برجوع السنيورة


-قصدك إيه بالكلام ده يا نسرين، شغلانة إيه ورجوع مين، أنا مش فاهمة حاجة؟!...نطقتها ببلاهة لتهتف الاخرى بغضب: 

-لو فاكراني غبية وهبلغك بكل حاجة زي زمان تبقى غلطانة، والفلوس لو موصلتنيش على بكرة بالكتير هكون متصلة بعمرو وحاكية له على كل حاجة، وساعتها مش هيطيقك أكتر ما هو، ومش بعيد يطلقك فيها


-خلاص بطلي رغي، هبعت لك الفلوس بكرة مع اختي الصغيرة عند أمك... قالتها تحت جشع وراحة قلب الأخرى التي أغلقت لتتنفس براحة وهتفت لنفسها: 

-حلو قوي، كدة يبقى معايا تلاتين ألف قلبتها فيهم في ست شهور، أروح اجيب لي بيهم غوشتين واشيلهم عند أمي جنب إخواتهم الحلوين 

انتهت لتطلق ضحكة سعيدة أما الاخرة فقد زفرت بعدما أنهت الإتصال لتهتف غاضبة بحدة وسخط: 

-ماشي يا نسرين الكلـ....، مسيرك تقعي تحت إيدي وساعتها واللي خلق الكون ما هرحمك 


********

مر عشرة أيام وظل الأمر كما هو عليه،فقد أخذ ما حدث على محمل كبريائه وقرر عدم مهاتفتها منذ أخر مرة حاول بها التواصل معها ولم تعيره الإهتمام وهذا ما أغضبهُ وأرغمه على عدم محاولة الإتصال بها مرةً اخرى لكي لا يخسر كرامته أكثر من ذلك، فقد تصرف عكس طبيعته وتنازل وقدم لها الإعتذار لأكثر من مرة بعدما كسر جميع قواعده لأجلها ومازال حائرًا كلما فكر بالأمر، لما ولماذا هي عن غيرها من النساء الذي بدأ يفقد قناع جموده أمامها


                                       ********

بعد مرور شهرين اخرين على ما حدث بالحفل

داخل دار الأوبرا المصرية، ولج هو وعائلته خلف العامل الذي يصطحبهم للمكان المخصص لجلوسهم لحضور الحفل، استقر بجلوسه بعدما جلس والداه وشقيقته التي جاورت زوجها الجلوس ليسأله والده بهدوء: 

-هي الحفلة هتبتدي إمتى يا فؤاد؟ 


-ربع ساعة بالظبط وتبدأ يا باشا...قالها برصانة قبل أن تتسع عينيه بدهشة وهو يراها تجلس بالبلكون المقابل لهم،لا يدري ما حدث له من انتفاضة شديدة تابعتها رعشة لذيذة سرت بجميع جسده وكأنهما يثوران عليه، فبرغم انه كابر وعاند شعوره بعدما اتخذ قرار البُعد إلا أن عينيها لم تفارقه وكأن لها سحرًا تلبسهُ،وعلى العكس، بدلاً من ان ينساها استفحلت مشاعره تجاهها لدرجة جعلت من طيفها ملازمًا له كظله أينما ذهب ذهبت،أما هي فقد حضرت بدعوة من "نيللي"التي قررت الإحتفال بيوم ميلاد إيثار بطريقة مختلفة ليظل راسخًا بعقلها، حيث قامت بدعوتها بصحبة عائلة أيمن لتناول العشاء بمطعمًا فاخر وبعدها انضموا للإستمتاع بإحدى حفلات دار الاوبرا المعروفة بالرُقي،تطلعت إلى تلك المرأة النبيلة التي تشملها بعطفها الدائم هي وصغيرها في محاولة نبيلة منها بتعويضها للاسرة التي افتقدتها لتقول بنبرة ممتنة: 

-مش عارفة أشكر حضرتك إزاي يا مدام نيللي على اليوم الحلو ده،بصراحة فاجأتيني بحفلة الأوبرا


ابتسمت لتجيبها بحنوٍ ظهر بصوتها: 

-إيه متشكرة دي كمان،إنتِ زيك زي لارا ومفيش فرق بينكم

ابتسمت لارا لتقول بنبرة حنون: 

-كل سنة وإنتِ طيبة يا إيثو


شكرتها لتقول سالي بنبرة حماسية:

-بعت لك هديتك على البيت يا إيثار علشان صندوق كبير ومكنش ينفع اجيبه معايا هنا


لتهتف لارا بمشاكسة:

-أفتن عليكِ وأقولها على الهدية؟

لتصيح الاخرى محذرة:

-بطلي سخافة يا لارا،أحلى ما في الهدية مفاجأتها

واسترسلت بابتسامة وهي تتطلع على إيثار:

-يارب تعجبك 

اثنت عليها قائلة بعرفان للجميع: 

-ليه تعبتي نفسك،بجد كتير عليا اللي بتعملوه معايا ده كله


زفر أيمن ليقول بتعنيفًا مفتعل كي يعفي عنها الحرج: 

-يادي كتير عليا اللي كل شوية تقوليها دي، وبعدين معاكِ يا بنت، فيه واحدة كل شوية تقول لـ اهلها اللي بتعملوه معايا ده كتير عليا؟! 

ابتسمت بإحراج ليقول أحمد بنبرة هادئة: 

-إسكتوا بقى علشان العرض هيبدأ


ثم التف يتطلع إلى إيثار وهو يقول بابتسامة هادئة: 

-كل سنة وإنتِ طيبة يا إيثار 


-وحضرتك طيب يا دكتور...قالتها بسعادة لتنظر أمامها بعدما خُففت الإضائة إستعدادًا للبدأ، خرجت الفرقة التمثيلية ليبدأ العرض الشهير، عرض "باليه بحيرة البجع"،


اندمجت مع العرض لأبعد حد، فقد كانت الموسيقى رائعة أما الراقصون فكانوا يتحركون بطريقة إستعراضية بمنتهى الحرفية جعلتها تسرح بخيالها وكأنها تحولت لفراشة راقصة، أثناء إندماجها تطلعت تتفقد المكان لتجحظ عينيها وتعود لنقطة معينة من جديد،نعم هو هي أكيدة من نظراته المسلطة عليها،الاضواء خافتة لكنها تستطيع تحديد هوية الاشخاص وما جعلها تتأكد هي تحيته حيث مال برأسهِ كـ تحيةً منه قابلتها بتجاهل تام فهي مازالت غاضبة منه برغم مرور الوقت، هز رأسهُ بيأسٍ مع خروج إبتسامة خفيفة على تلك العنيدة،برغم غضبها الذي مازال قائمًا إلا أن قلبها قد خانها وثار عليها منتفضًا لتعلو دقاتهُ وكأنها طبولِ حربٍ،باتت تتطلع على العرض بتمعن لتظهر له عدم إهتمامها بحضوره لكنها لم تستطع الصمود فانهارت قواها الواهية لتتسحب ببصرها كي تسترق النظر لهيأته بعدما توقعت صرف نظره عنها لكنه باغتها بنظراته المسلطة فوقها وكأنه لم يرى من العرض سواها،خجلت وسحبت عينيها سريعًا وبدأت تلعنُ حالها وغبائها الذي صور لها بأنها أذكى من ذاك الداهي،أتى وقت الإستراحة لتضوي الانوار داخل الساحة من جديد،همس لـ عائلته معتذرًا: 

-هروح أسلم على أيمن الأباصيري 

نظر والده نحو الإتجاه الذي اشار ناحيته نجله ليهز رأسه بموافقة ويتحرك الاخر بالممر إلا أن وصل لمقصده، كانت تلتزم الصمت التام وجسدها متخشبًا تنظر تحت قدميها من جراء ما حدث لتنتفض من جديد حين استمعت لصوته يأتي من خلفها، فقد وقف خلفها مباشرةً ليقول بصوتٍ رزين واثق: 

-مساء الخير 


مساء النور...رددها الجميع ليتحدث إلى أيمن: 

-منور الاوبرا يا أيمن بيه


-ده إيه المفاجأة الحلوة دي يا سيادة المستشار...نطقها أيمن ليجيبه فؤاد بلباقة: 

-هي مفاجأة حلوة وغير متوقعة

واسترسل وهو يُشير إلى البلكون المتواجد به عائلته: 

-أنا كنت قاعد انا والباشا والعيلة ولقيت حضرتك مع عيلتك قولت لازم اجي أسلم


نظر أيمن إلى علام ومال برأسه بتحية ردها الأخر ليُلقي السلام على نيللى وأحمد وأشار بتحية صامتة لـ سالي ولارا وجاء دور سلام تلك التي اشرفت على لفظ أنفاسها الاخيرة من شدة توترها ليقول بصوتٍ بات هادئًا: 

-إزيك يا أستاذة إيثار


-الحمدلله...نطقتها بجمود عكس ما يدور بداخلها من توتر وارتباك لا تدري سببهما ليلتف إلى أن وقف امامها وبكل بسالة تحدث دون خجل: 

-أنا أسف، عارف إن الموضوع عدى عليه وقت طويل، بس أنا مُدين ليكِ باعتذار قدام الكل

واستطرد تحت ذهولها وذهول الجميع من موقفه: 

-ياريت تقبلي أسفي


إبتلعت لعابها من هيأته التي تنطقُ بالرجولة والبسالة ومازادها تلبكًا هي عينيه التي تشملها وكأنها تحتضنها، بالكاد استطاعت إخراج صوتها لتقول بنبرة تبدو متوترة: 

-حصل خير يا سيادة المستشار...نطقتها بهدوء ليقاطعها معترضًا: 

-اللي حصل مكانش خير خالص،أنا فقدت أعصابي في اليوم ده وكان لازم أكون اهدى من كده، بس صدقيني أنا كنت متضايق علشانك مش منك


كانت تستمع إلى كلماته الاسفة بصوتهِ الواثق أما عن عيناه فلا تسألني،فقد كانت تفيض حنانًا ممزوجًا بالإعتذار مما أدخلها بحالة لا تحسد عليها،توترت لتبتعد بعينيها وهي تقول: 

-متشكرة لذوقك 

لم تستطع نطق اكثر من كلتا الكلمتان لتضع نيللي كفها على خاصتها وهي تبتسم لها بحنان وسعادة لأجل كرامتها التي رُدت إليها بعدما سُلبت امامهم


مالت سالي بجانب أذن لارا لتهمس باستغراب يرجع لعدم علمهما بما حدث: 

-إنتِ فاهمة حاجة من اللي بتتقال؟! 

رفعت الفتاه كتفيها للأعلى وهي تمط شفتاها للامام بعدم معرفة لتسترسل الاخرى بمشاكسة: 

-سيبك إنتِ من الحوار ده وخلينا في البرنس اللي واقف قدامنا، بذمتك مش شبه أبطال الأفلام الفرنسية القديمة

سخيفة... نطقتها باستخفاف لترد الاخرى: 

-يا بنتي ده قمر، فرصة كبيرة بلاش تضيعيها من إيدك 


أما أيمن فتحدث بمشاكسة لمديرة مكتبه: 

-أظن دي أحلا هدية إتقدمت لك النهاردة في عيد ميلادك. 


-هو عيد ميلادك النهاردة... إجابته بهزت رأس ونظراتٍ خجلة ليسترسل بنبرة هادئة: 

-كل سنة وإنتِ طيبة 

متشكرة لذوقك...قالتها بصوتٍ خافت لتتحدث نيللي: 

-إحنا خارجين النهاردة نحتفل بيها،يعنى كلنا هنا النهاردة على شرف الإستاذة إيثار


-ميرسي بجد يا مدام نيللي، ربنا يخليكم ليا...كلمات نطقتها بعيني متأثرة مع إبتسامة جذابة سرقت بها لُب ذاك الواقف يتطلع على حُسنها بإنبهار. 


-مش تسلم على لارا بنت الباشمهندس أيمن يا سيادة المستشار...جملة نطقتها سالي لينتبه ويتطلع عليهما لتسترسل بابتسامة هادئة: 

-شكلك مكنتش تعرفها


-أهلاً وسهلاً... نطقها وهو يميل برأسه للفتاة برسمية قابلتها الاخرى بابتسامة هادئة وهي تلكز زوجة اخيها بفخدها ليسترسل مستئذنًا: 

-العرض دقايق وهيبدأ، أسيبكم تستمتعوا بيه، 


واسترسل بلباقة وهو يمرر عينيه على الجميع: 

-اتمنى لكم سهرة سعيدة

وتوقف ببصرهِ فوق عينيها ليكمل بابتسامة حنون: 

-مرة تانية كل سنة وإنتِ طيبة 

أومأت بملامح وجه زادتها كلماته العطرة نورًا وابتهاجًا


انسحب عائدًا لمكانه ليبدأ العرض بالمواصلة بعد إنتهاء الإستراحة ليتابعاه كلاهما بقلوبٍ ومشاعر مختلفة عن ذي قبل، فقد بات يتطلع عليها بنظراتٍ أقوى لتسحب هي عنه بصرها بخجل إلى ان انتهى الحفل وذهب الجميع إلى وجهته بعدما شكرت إيثار عائلة أيمن على هذا اليوم الجميل والمميز، وعاد كلاً منهما يفكر بالأخر وتوقعت أن يهاتفها لكن خاب ظنها. 


                                       ********

عصر اليوم التالي

كانت تجلس بصحبة عزة والصغير داخل الشرفة يتحدثون سويًا فاستمعوا لرنين جرس الباب لتنهض عزة متجهة صوب الباب وبعد قليل استمعت لصوت تلك المزعجة يناديها فاتجهت للخارج لتجد رجل يحمل إحدى باقات الزهور النادرة، تمعنت بوجه الرجل باستغراب لتهتف عزة قائلة: 

-واحد جايب ورد وبيقول علشانك


علشاني أنا!... نطقتها باستغراب ليسألها الرجل باهتمام: 

-حضرتك الأستاذة إيثار غانم الجوهري


-أيوا أنا...رد عليها: 

-فيه هدية وبوكية ورد علشانك


قطبت جبينها واقبلت عليه تسألهُ: 

-مين اللي باعتهم؟ 


اجابها بعملية: 

-معنديش معلومات، بس الكارت مكتوب عليه 

أخذت الكارت وقرأت ما عليه وكان كالأتي: 

-«برغم إنك عملتي معايا اللي مفيش مخلوق في الكون قدر يعمله، ومع ذلك مقدرتش أفوت مناسبة مهمة زي دي، كل سنة وإنتِ طيبة، مع تحياتي، شرشبيل»


إبتسامة عريضة ارتسمت لتُزين ثغرها تحت استغراب عزة التي هزتها لتسألها بفضول: 

-مين اللي باعت لك الورد؟ 

استفاقت من حالة الهيام التي سحبتها كلماته داخلها لترد على عزة: 

-هقول لك بعدين

تنهدت لتقول للعامل بجدية: 

-أنا أسفة لتعبك بس أنا مش هقدر أقبل الهدية، ياريت ترجعها لصاحبها


أجابها بجدية: 

-مش هينفع يا افندم،إحنا مجرد شركة توصيل ملناش علاقة باللي بعت الهدية ولا عندنا أي معلومات عنه،يعني لو حضرتك رجعتيني بالاوردر مش هعرف أرجعه لصاحبه


زفرت لتسألهُ بحدة: 

-والحل! 

رفع الرجل كتفيه للاعلى ليقول بهدوء: 

-اتفضلي حضرتك استلمي الاوردر وإبقى رجعيه لصاحبه بنفسك 


زفرت بضيق لتقول لعزة:

- خدي منه الحاجة ودخليها جوة يا عزة

قدم لها الوصل لتضع إمضائها عليه ثم ناولته بعض النقود ليرحل لتلج للداخل من جديد لتجد عزة ممسكة بذاك الصندوق الملفوف بشريطًا صغير باللون الاحمر، زفرت بعمق لتسألها عزة مستفسرة: 

-مين اللي باعت لك الحاجات دي يا إيثار؟! 


اخذت نفسًا عميقًا وأخرجته بهدوء وهي تقول: 

-وكيل النيابة اللي كان ماسك قضية كريم الله يرحمه


قطبت الأخرى جبينها وهي تسألها باستغراب: 

-ووكيل النيابة يبعت لك هدية بتاع إيه؟! 

لتشهق وهي تتحدث وكأنها تذكرت: 

-مش ده اللي كان بيكلمك من ييجي تلات أسابيع ساعة ما خدتي التليفون واتسحبتي وكلمتيه من أوضتك؟! 

هي إيه الحكاية بالظبط، متفهميني يا بنت عم غانم!.. نطقت كلماتها الاخيرة بغمزة من عينيها لتزفر الأخرى بضيق وهي تقول: 

-هيكون إيه اللي بينه وبيني بعقلك يا ست عزة

واستطردت بألم وهي تتذكر الفارق الإجتماعي الكبير بينهما: 

-ده راجل مستشار قد الدنيا وأبوه يتعد من أبرز رجال الدولة، ده غير عيلته الكبيرة

واسترسلت بصوتٍ مختنق بالدموع: 

-تفتكري إيه اللي ممكن يجمعه ببنت عم غانم الغلبان


هتفت سريعًا بتفاخر: 

-فشر، ده أنتِ ست البنات كلهم،ووكيل النيابة ده لو لف الدنيا كلها لا هيلاقي في عقلك ولا أخلاقك ولا طيبة قلبك 

استمعت لصوت رنين هاتفها لينتفض قلبها حين رأت رقمه الخاص لتبتسم تلقائيًا وبلحظة ضغطت زر الإجابة لتستمع لصوته الرجولي المؤثر: 

-إزيك


-الحمدلله...سألها بابتسامة هادئة: 

-عجبتك الهدية؟ 


-مشفتهاش علشان احكم...قالتها بهدوء ليسألها مداعبًا إياها: 

-معقولة لحد الوقت مافتحتيهاش؟! 

انا سبت لك ربع ساعة بحالها وبعدها رنيت


ضيقت بين عينيها لتسألهُ باستغراب وهي تتجه صوب غرفتها لتغلق بابها عليها: 

-وإنتَ عرفت منين إن فات ربع ساعة؟! 


السؤال ده عيب يتسأل لواحد زيي...نطقها بغرور ليسألها من جديد: 

-مقولتليش، مفتحتيش الهدية ليه لحد الوقت؟ 


-كون إني افتحها معناها إني قبلتها...قالتها بجدية ليسألها باستغراب: 

-وليه ترفضيها؟! 

وليه اقبلها!... قالتها بثبات فأجابها بنبرة هادئة: 

-تقبليها لسببين، أولهم بمناسبة عيد ميلادك، ثانيًا الهدية دي كـ اعتذار مني ليكِ بسبب اللي حصل في الحفلة

اجابته بثبات: 

-أنا أسفة في اللي هقوله،بس أنا مفيش بيني وبينك اللي يخليني اقبل هدية منك ده أولاً،ثانيًا اللي حصل في الحفلة مفيش أي حاجة في الدنيا تمحي الالم والإهانة اللي حسيت بيهم وقتها


-على فكرة،إنتِ كمان هنتيني ومش عارف إزاي قبلتها على نفسي واتصلت بيكِ تاني...نطقها مشيرًا لعدم إجابتها على مكالماته السابقة ليتابع مسترسلاً: 

-أنا مفيش مخلوق على وجه الأرض قدر يعمل معايا اللي إنتِ عملتيه


-وانا عمري ما حد إتكلم معايا بالطريقة البشعة اللي إتكلمت معايا بيها... قالتها باستنكار ليقول سريعًا بمداعبة: 

-كده نبقى خالصين ونقطة ومن أول السطر


-بمعنى؟ 

أجابها بذكاء: 

-أقصد إن إحنا الإتنين تجاوزنا في حق بعض، فكده نبقى خالصين

واستطرد بدهاء: 

-بس أنا ليا شرط علشان أقدر أتجاوز إهانتك ليا

رفعت حاجبها متعجبة لتسأله ساخرة: 

-كمان! وياترى إيه بقى شرط جنابك؟! 


إنك تقبلي هديتي...قالها بصوتٍ راجي لتجيبه باحراج: 

-معلش تعفيني من الطلب ده لاني حقيقي مش هينفع

عندما وجدت منه الصمت استرسلت كي لا يحزن: 

-أنا ممكن أخد الورد وده كفاية جداً بالنسبة لي، بس الهدية أنا أسفة


باغتها بطلبه: 

-طب مش تفتحيها وتشوفيها الاول، مش يمكن تعجبك وتحبيها؟!


بنبرة هادئة وواثقة أجابته: 

-أيًا كان نوع الهدية فأنا متأكدة إن ذوقها هيكون هايل وراقي،لكن الموضوع بالنسبة لي مسألة مبدأ 


سألها باستفسار: 

-هو أيمن الاباصيري مجابلكيش هدية؟


أجابته بهدوء: 

-جاب لي طبعاً، بس الموضوع هنا مختلف، الباشمهندس أيمن بيعتبرني زي لارا بنته،ده غير إن أنا بردها له في اعياد ميلاده وأي حد من العيلة


-خلاص كده إتحلت... قالها بدهاء لتسأله مستغربة: 

-إزاي؟ 

اجابها: 

-ترديها لي في عيد ميلادي

للأسف،مش هقدر...قالتها بحزم ليسألها: 

-ليه؟! 


-علشان زي ما قولت لك من شوية، مفيش بيني وبينك اللي يخليني اقبل هدية منك...نطقتها بحسم ليقول ما جعل قلبها ينتفض ويثورُ عليها: 

-طب ولو قولت لك علشان خاطري، بردوا هترفضي!


أرجوك بلاش تصعبها عليا...نطقتها بصوتٍ راجي ليجيبها بدهاء: 

-لو ده هيريحك خلاص، خلينا نتفق على ميعاد ترجعيها لي فيه

قطبت جبينها ليسترسل هو: 

-إيه رأيك لو نتعشى مع بعض بكرة،أنا عارف مطعم بيعمل أكل إيطالي تحفة، متأكد إنه هيعجبك

تنهدت بعمق قبل ان تقول له: 

-أنا أسفة، بس حقيقي مش هينفع


سأم رفضها المتكرر ليقول متعجبًا: 

-طب أعمل إيه تاني علشان أريحك؟ 


-متعملش حاجة، أنا بكرة هبعتها لحضرتك مع ساعي الشركة لحد مكتبك... قالتها بعد تفكير، ليجيبها بمكر: 

-أكيد بتهزري، معقولة هتبعتي لي هدية على مقر النيابة؟! 

ليسترسل لإقناعها: 

-مقر النيابة ليه قدسيته، ولا إيه يا استاذة؟ 


-طب هنعمل إيه؟... قالتها بعدما انتهت حلولها ليجيبها بمراوغة: 

-خلينا نتقابل بعد ما تخلصي شعلك قدام كافية لؤلؤة، المكان قريب منك يعني مش هتتأخري


بعد تفكيرٍ دام أكثر من عشرون ثانية أجابته باستسلام: 

-أوكِ. 

-عندي طلب أخير لو أمكن...قالها برجاء ليستطرد سريعًا: 

-ممكن تعتبريه رجاء


اجابتهُ بترقب: 

-لو هقدر أعمله أكيد مش هتأخر

-هتقدري لأنه بسيط جدًا...قالها بهدوء ليستطرد بتمني: 

-عاوزك تفتحي الهدية وتقولي لي رأيك فيها

وقبل أن تعترض تابع مسترسلاً: 

-يهمني جداً إني أعرف رأيك في ذوقي،ياريت مترفضيش

لم تستطع الرفض بعد إلحاحه الشديد لتقول له بنبرة مستسلمة: 

-حاضر


ابتسم ليقول بمشاكسة: 

-يا سلام لما بتبقي مطيعة، بتبقى تجنني

خجلت من كلماته لتقول باستئذان: 

-أنا مضطرة أقفل،بعد إذنك


-قبل ما تقفلي عاوزة اقول لك على حاجة...نطقها لتستمع بتمعن وهو يقول بنبرة صادقة:

-أنا مستغرب نفسي قوي معاكِ،تعرفي إني عمري ما اتأسفت لحد،مش تكبر ولا غرور أكثر من إنه إنضباط نفسي لأبعد الحدود بيمنعني إني أغلط،ولو فلتت وغلطت مبحبش أعتذر مباشر،ممكن أعمل للشخص اللي غلطت في حقه حاجة توصله لمعنى الإعتذار بس من غير ما انطقها مباشر

أخذ نفسًا عميقًا ليسترسل بنبرة صادقة:

-معاكِ مش بس إعتذرت بالكلام،لا،ده الامر وصل إني ارن عليكِ يومين ورا بعض وسيادتك تطنشيني لا وأرجع أكلمك تاني النهاردة

تنهد قبل أن يقول بما دغدغ مشاعرها:

-معاكِ فؤاد علام بيكسر كل قواعده اللي وضعها في التعامل بينه وبين الناس وبقى لي سنين ماشي على نهجها،إنتِ الوحيدة اللي انا سمحت لك بتحطيم أسواري والدخول لأعماقي،إنتِ وبس يا إيثار. 


نزلت كلماته الصادقة على البريءُ قلبها فزلزلته وضربت بجميع تحذيراته عرض الحائط،أغمضت عينيها لتسرح بمعاني كلماته الرائعة لتنسى وتتناسى معه ما مرت به من عواصف زلزلت بكيانها ومازالت توابعها تلاحقها للأن. 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-