جديد

رواية زهرة اصلان الفصل الثاني عشر



 الفصل الثاني عشر

.
- لم تنتبه زهرة من أفكارها إلا على صراخ وحشها الذى كان مراقبا لها من
نافذة حجرة مكتبه المطلة على الحديقة ... رأته يقترب منها كالمجنون
وأمسكها من عضديها رافعا لها من على اﻷرجوحة ويهزها بشدة ،قائلا :
مالك رورو ؟ ..... إيه اللى مغيرك ؟؟ .... ليه السكوت ده ؟؟
لم ترد عليه بل حدجته بنظرة أوقفت أنفاسه بصدره ... نظرة لم يراها على
أحد من قبل لكنه فهمها ... نظرة حرمان ... حرمان منه هو ... لم يجد ما يقوله لها سوى التهرب من نظراتها ،قائلا :

أنا جبتلك كل اللى أنتى ممكن تكونى عايزاه ... ليه الحزن ده ؟؟....
.... ليه الدموع دى ؟؟ ... دموعك بتدبحنى رورو ...
لم تتحدث إليه ... و استمرت دموعها بالهطول ... وهى تحرك له رأسها
بالنفى بمعنى ( مفيش ) .

هو يفهمها و يهرب منها ... هى تفهمه واكتفت بالصمت ... تبادلوا النظرات
الدالة على حالتهما و هى الحرمان من بعضهما ... رغم اﻹختلافات و رغم
الثأر إلا أن القلوب لها رأى آخر ... هى تريده رجلها و هو يريدها إمرأته
و ملكه ... وعند وصولهم لتلك المرحلة كالعادة صمتت و عادت لأرجوحتها
و هو عاد إلى مكتبه الذى أصبح رابضا به ليكون بجانبها .

امتنع عن تناول وجبة الغذاء والعشاء مما آثار استغراب باقى أفراد المنزل ماعدا الجد و نعمة اللذان يعلمان بتوتر اﻷجواء بين العاشقين إلا أن الجد تحجج لهم بأنه أوكل إليه عملا خاصا حتى لا يثير ريبة أسامة و محمد ... ألقى الجد نظرة على الملاك الحزين بجانبه فوجدها تقلب الطعام بملعقتها ولا تأكل ... و بعد فترة قصيرة استئذنت للخلود إلى النوم ... عندما لحقها باقى أفراد المنزل إلا الجد و نعمة،

- نعمة : وبعدين يا عمى الموضوع زاد أوى عن حده .

- الجد : أنا عارف .... معدش فى إيدى حاجة تانية أعملها .... ادعيلهم .

- نعمة : يا رب اجمعهم على خير ... بس ده مبقاش يأكل معانا خالص ...
أنا شفته من شباك المطبخ قبل الغدا بيزعقلها فى الجنينة
و يهزها جامد .

- الجد : هيا وصلت لكده ... الواد ده اتجنن خالص ... أنا نفسى أعرف
مش عاوزها ليه ... دى جميلة و كويسة و بنت حلال و باين
عليها بتحبه ... خسارة يضيعها من إيده .

- نعمة : وهو كمان والله يا عمى شكله بيحبها بس ساكت مش عارفة ليه
..... أنا خايفة تشتكى ﻷهلها و تمشى .... دى إحنا أخدنا عليها
أوى .

- الجد : أنا عارف إيه العصبية اللى بقى فيها دى ... ﻷ و بقى على طول
موجود فى البيت وعاوز يخلص الشغل منه .

- نعمة : آه والله ... أنا خايفة يجراله حاجة من عصبيته.... دا حتى أم
أحمد راحت توديله صينية العشا فى مكتبه اتنرفز و علا صوته
عليها ... الست صعبت عليها نفسها وبكت فى المطبخ ... لولا
زهره الله يكرمها فضلت تهديها وتقولها إنه عنده شغل صعب
اليومين دول و إنه متعصب على الكل ... لحد ما الست هدت .

- الجد : حتى بعد اللى بيعمله معاها بتدافعله ... ربنا يهديه ....
أنا هاستنى عليه يومين لو مهداش أنا اللى هتكلم معاه ...
يلا تصبحى على خير .

- نعمة : وأنت من أهله يا عمى .

- بعد عدة ساعات نزلت زهرة إلى المطبخ وقامت بتسخين طعام الغذاء ل
أصلان ... فهو لم يأكل من الصباح ... لم تهتم لغضبه و ثورته عليها و
قامت بتحضير صينية ممتلئة باﻷصناف المفضلة له و كوب عصير ثم اتجهت
لغرفة مكتبه ... طرقت الباب وعندما أذن للطارق بالدخول فتحت الباب
و دخلت ... رفع أصلان رأسه من أوراقه ليجد ملاكه تتحرك نحوه وهى
تحمل صينية عليها طعام ... لم تسمع كلامه كالعادة ... اليوم تحديدا
توقع انهيار آمالها منه .... إلا أن الواقع يثبت أنها مازالت مصرة على
تلك المشاعر التى سترهق كليهما وتنهار حينما ترى تشوه جسده ...
لم يستطع منع نفسه من الحنق من تلك المراهقة الصغيرة التى لا تيأس
أبدا ... فاهتاجت أعصابه ﻷنها بالفعل أثرت به وأفرحت قلبه باهتمامها
به حتى وهو يؤذيها ... وصرخ باسمها ﻷول مرة :
زهرررررررررررة .... أنا قولتلك إيه ؟؟؟؟

- فزعت زهرة من صراخه على الرغم من إنها وعدت نفسه بالثبات ......
و توقفت بالطعام فى منتصف الغرفة وعيناها أرضا لا تتطلع له ... فهى
تعلم لو أنها نظرت له لانفجرت بكاءا من قسوته عليهما ... تملكه الغضب
منها وجعله يقطع المسافة بينهم بخطوتين ووقف مقابلا لها مشرفا عليها
بطوله كما نسى أمر الطعام وأمسكها بشدة من ذراعيها جعلت الدموع
تطفر بها قائلا بصراخ شديد :

أنا مش قولتلك مش عاوز منك حاجة .... هااااااه
مبتسمعيش الكلااااام ليه ....
قالت بعينين دامعة وصوت منخفض متحشرج من غصتها :

أصلان ... أنت مأكلتش ....

لم يعطها فرصة لتكملة كلامها .. وأكمل صراخه الذى رافقه إسقاطه ل
صينيه الطعام على اﻷرض :
ملكيش دعوة بيا ... أنتى هنا ضيفة و بس .... تبقى تلتزمى بده...
أنتى ......................

قطع صراخه احمرار وجهها بشدة و نزول دموعها وكأنها تكتم شئ ما ....
فى نفس الوقت الذى لامس سائل حار قدميه ... ثم سرعان ما أدرك أن
الشوربة المرافقة الطعام والتى كانت ساخنة جدا قد أحرقت قدميها ....
حملها بسرعة متجها بها إلى الحمام الخاص بغرفة مكتبه وهو يلعن نفسه
آلاف المرات لأذيتها ... جلس على كرسى الحمام و أجلسها على قدمه
... نظر لقدميها وجد أنه احمرار شديد يؤدى لالتهاب وليس حرق بقدمها
.... نظف جرحها من مكان الشوربة ثم استعان بمرهم للالتهابات من
الصيدلية الموجودة بالحمام ووضعه على قدميها بخفة وهى مازالت تبكي
بشدة فى حضنه من المفاجأة و اﻷلم ... ربت على ظهرها عدة مرات وشدد
من احتضانها وقد أدمعت عيناه تأثرا من الموقف و حنقا من نفسه لأنه
من تسبب لها باﻷذى .... أخرجها من الحمام و أجلسها بأحضانه على كرسى
جلدى بمكتبه وهو مازال مشددا عليها بذراعيه وهى تبكى على صدره ....
رفع رأسها قليلا من على صدره :

سامحينى رورو ........... أنا آسف ..... سامحينى

وقبلها عدة مرات على رأسها ..... هدأت قليلا ولكن استمر أنينها
آسف حبيبى ......... سامحينى ...... مش هكررها
لم ترفع رأسها له .... ولكن أصدرت صوتا رقيقا يدل على رفضها ... لم
يدرى بنفسه وقد انهارت حصونه واستمر بترجيها لمسامحته بعتاب رقيق
مستمرا بتقبيلها أعلى رأسها ... وكأنهم شخصان مختلفان غيرهم هما
من يتعاتبان :
سامحينى حبيبى ... مش قصدى والله ..... رورو طاب بوصيلى
خلينى أشوفك طيب .... عشان خاطرى حبيبى
دفنت نفسها بحضنه أكثر ... و مازالت على دلالها ورفضها له ... وكأنهم
يتعاتبان عل شئ آخر غير الحرق ... لم يتحمل هذا العتاب الرقيق الذى
يشبه صاحبته و صوت أنينها ... رفع رأسها قليلا له وقبل جبينها ووجنتيها
و أنفها وأخيرا فمها الصغير بهيام شديد مستمرا بقول أسفه :
آسف ....... آسف .......... آسف ......... آسف ........آسف
هدأت زهرة من بكائها و أنينها ... فأعاد الكرة برقة أكثر فهدأت تماما ...
و قد تحولت قبلاته من رغبة لمصالحتها إلى رغبة بها هى .... امتص شفتيها
برقة مرة ثم مرة ثم مرة ....... حتى كثرت المرات وهى تبادله بخبرتها
الفطرية البسيطة ..... استمرت قبلاته لها وقبلاتها له مرارا مصاحبة بأنين
متعة منخفضا منها والأسوء من ذلك ابتلاعها لريقها بعد كل قبلة وكأنها
.. وكأنها ..................................................يا اللهى
أراد الابتعاد قليلا من كثافة مشاعره إلا أنها أنت برفض وتمسكت
بشفاهه بأسنانها.... جعله يفقد ما تبقى به من تعقل فزاد من ضمه لها
وقبلها بشكل جنونى .... يبادلها ... وتبادله ... يبادلها ... و تبادله ...
حتى علت أنفاسهما و أحمر وجهيهما من عمق المشاعر الوليدة ﻷول التحام
لهما حتى ولو كان جزئى .... ضاع الوقت منهما وتهدمت كل العوائق لم
يتبقى إلا جنونه وشغفها .... لم يفيقهما من عاصفتهما إلا صوت نحنحة
خشنة ﻷسامة وصوت خطواته وهو ينزل على السلم متجها للمطبخ .

- ابتعد عن شفتيها مصعوقا ولكنها مازالت جالسة على قدميه ... لم يتخيل
أن يفلت زمام تحكمه منه أو أن يكون ما بينهما شغوفا بهذا الشكل كما
كانت مصدومة بمدى شغفها بالرجل الوحيد الذى ملئ كيانها ... فانزلها
من على قدميه وأوقفها وقد تغيرت تعبيرات وجهه إلى التجهم الشديد ، فهى
لا تستحق منه ذلك فطلب منها بشكل هادئ مثير للارتياب أن تذهب
لغرفتها... حاولت أن تقول شئ لكن الموقف وتعبيرات وجهه لا تسمح
بذلك لذا ذهبت كما طلب منها ... وبعد أن خرجت من مكتبه فتح أزرار
قميصه بسبب ضيق تنفسه الذى حتى لم يهتم به ... فكان أهتمامه منصبا
بما حدث بينه وبين قطته ... ولا يدور بباله سوى سؤال :

إيه اللى حصل ده ؟؟
- ذهبت زهرة إلى غرفتها التى هى غرفة أم أصلان بعد أن تعثرت عدة
مرات فى طريقها ... لا تنتبه إلى خطواتها ... تتكرر أمام عينيها ما حدث
بينهما ... لا تصدق كيف تتدلل عليه هكذا ؟ بل متى كانت تتدلل على أحد
بهذا الشكل يوما ؟ هل هى من كانت تقبله منذ قليل ؟ وكأنها ...........
..... و كأنها ...... تشتاق للمساته و همساته لها بالاعتذار و طلب
المسامحة ... هل هى من رفضت ابتعاده عنها و جذبته لها ثانية ؟ .....
... يالله ... بالتأكيد ليست هى ... ليست هى ... حتى أنها غفلت عن
حرق قدميها ... هل هو من لبى طلبها بعدم ابتعاده عنها ؟ .... واﻷهم
من هذا كله ... هل هكذا يكون شكل اللقاء بينهما ؟ ... هل هذا سيكون
شكل حياتهما إذا توحدا ... و غيرها .. وغيرها من اﻷفكار التى ظلت
تتردد بفكرها حتى غفت بجانب أمه قبيل الفجر .1

- أما هو لم يهدأ فكره أو خطواته بمكتبه لا يصدق كيف ضعف بهذا الشكل
أمامها ؟ ... هل هو من قبلها هكذا ؟ ... هل يديه تلك من لمستها و
ضمتها له ؟ ... يالله ... هل هو من استمر يقبلها بهذا الشكل ... هل
هو من اﻷساس لديه تلك العاطفة تجاه أحد ؟ ... هل هو من كان يحايلها
و يهدهدها بهذا الشكل حتى تهدأ ؟ ... هل هو من أعتذر لها مرارا حتى
ترضى ؟ ... هل هى من رفضت ابتعاده عنها ؟... لما ؟ ... هل ترغب
مثله فى القرب ؟ ...هل هى من كانت تقبله مثلما يقبلها ؟ ...هل
الإتحاد بينهما سيكون بتلك الحميمية ؟ ...... واﻷهم ..................

هل هو من كان ضعيفا أمامها بهذا الشكل ؟ ... هل هو من كان يترجى
رضاها ؟ ... هل هو من كان يعتذر لها مرارا ؟
ماذا عند اتحادهما.... ستؤذيه إذا علمت بتشوهه... ستنفر منه عند رؤيته
.. ستندم بعد ذلك لفارق العمر بينهما .. ثم .. ثم .. تجرحه .. وهو لن
يتحمل تلك النظرات منها .. لن يتحملها ... لذا لابد من إبعادها عنه
سريعا ... ثم استقام من على كرسيه عازما على إنهاء تلك المهزلة فورا .2

- استيقظت نعمة عند آذان الفجر لأداء صلاتها وبدء يومها ... إلا أنها على
غير العادة لاحظت استغراق زهرة بالنوم و التى يظهر على وجهها
الإرهاق بشكل واضح فآثرت ألا توقظها إلا عند الفطار ... فأدت صلاتها
واتجهت لأسفل لشرب قهوتها مع الحج قدرى الذى لاحظت عليه تجهمه
الشديد :

- نعمة : صباح الخير يا عمى .

- الجد : صباح النور يا نعمة ... أمال فين زهرة ؟
- نعمة : نايمة يا عمى ... شفتها تعبانة قلت أسيبها لحد ما نجهز الفطار .

- الجد : خير ما عملتى ... الحمد لله جت من عند ربنا .
- نعمة : خير يا عمى ... فيه إيه ؟
- الجد : أنا نزلت بعد الصلاة عشان استناكى أنتى و زهرة ... لقيت أصلان
فى مكتبه والظاهر موجود من بدرى ... عصبى جدا لدرجة أنى
متحملتش آعد معاه الشوية دول لحد ما تيجوا فسيبتوا و خرجت
وخوفت زهرة تيجى ويتخانق معاها كالعادة .

- نعمة : استر يا رب ... الحمد لله إنها نايمة ... أنا قايمة أعملنا القهوة .

- الجد : طيب روحى .

- استيقظت زهرة على صياح أصلان الذى هز أرجاء المنزل .

- أصلان : إزاى تتصرف من نفسك كده ... من غير ما تقولى .

- فهرولت للحمام تغتسل و تتوضأ وتبدل ملابسها ، ثم أدت صلاتها واتجهت
مسرعتا لأسفل فهى ولأول مرة منذ مجيئها لهذا البيت تتأخر فى نومها
حتى معاد الفطار ولا تعده معهم .

- أما أصلان مازال صوته عالى بحيث تجمع على إثره أهل المنزل فسوما
و أسماء جالستان بالصالة لا تتفوهان بحرف حتى لا يطولهما غضبه
، ونعمة أتت مسرعة من المطبخ ، والجد وأسامة و محمد فى المكتب
الذى بابه مفتوح مع أصلان يحاولون تهدئته.
- محمد : صلى على النبى وأهدا يا أصلان ... و إن شاء الله خير .

- أصلان : خير ... و هيجى منين الخير يا سى محمد ... طبعا ما أنا معايا
ناس بتهرج مش بتشتغل .

- أسامة : يا أصلان الطلبية أتأخرت يومين بس ... إحنا هنتصل بيهم و
نراضيهم.

- أصلان الذى أشتد غضبه بكلام أسامة و بصياح أعلى :
نعمل إيه يا خويا ... سمعنى كده تانى ... أنت لو عاوز تجلطنى مش
هتقول كده ... أنت فاكرهم جيرانا هنا هنراضيهم... دول شركة
كبيرة وليهم اسمهم فى السوق ملتزمين معاهم بعقد معين و طلبية
المفروض تتسلم من يومين ... وأنت ومحمد قولتولى أعتمد علينا
و ياريتنى ما اعتمدت .

- الجد : لا حول ولا قوة إلا بالله ... والخسارة أد إيه يا بنى ؟
- أصلان : الشرط الجزائى نص مليون ، وعشان نمشى أمورنا عشان الطلبية
توصل كمان يومين ،وغيرها ... يعنى حوالى مليون ونص .

- صمت أسامة و محمد وعلى وجههم التجهم الشديد من تلك الغلطة التى
ورطا بها غيرهم .

- أصلان : ولا منظرى وأنا بستقبل مكلمتهم بحسبهم بيتشكرولى على
بضاعتنا اللى مفيش منها فى السوق ... ألقيها لسا موصلتش
لأ وبيشتكوا من عدم التزمنا.... وأن أحنا لازم ندفع الشرط
الجزائى اللى علينا عشان هما كمان خسروا حوالى نص مليون
تمن الشرط الجزائى اللى عليهم عشان اتاخروا فى التسليم ،
و إنهم هيقطعوا التعامل معانا بعد كده ، وطبعا بعد ما يفوح
فى السوق السمعة اللى طلعت علينا محدش هيتعامل معانا
و اللى هيتعامل هيعلى السقف بتاعه أوى .

- الجد : حصل خير ... و أسامة ومحمد يتسحب من تحت إيديهم أى
حاجة ماسكينها ... وكمان مفيش أى أمضا ليهم على ورق ..
و يرجعوا تحت إيد أصلان طالما لسه مش مسكين نفسهم فى
الشغل ... لحد ما يثبتولك كفائتهم.
- أسامة ومحمد : أمرك يا جدى .

- محمد : حقك عليا يا جدى وانت يا ابن خالتى ... مش عارف الغلطة دى
عدت من تحت إيدنا إزاى ... و حقك يا جدى فى اللى هتعملوا
وكمان لو عاوزينى أشارك فى جزء من الخسارة بفلوسى أنا
مستعد .. أنتوا ملكوش ذنب تتحملوا خسارة جت بسببنا.
- أسامة : وأنا كمان رأيى من رأى محمد .

- الجد : بس يلا أنت وهو .. المال مالى و أنا اللى بتحمل اللى يحصل
طالما غلطوا من غير ما تقصدوا .. وإن شاء الله ربنا يعوضنا.
- أصلان : الموظف اللى مبلغش أن الطلبية متسلمتش يترفد حالا .. و انت
يا محمد اتصل بيهم وبلغهم إن الطلبية هتوصل كمان يومين،
و تعتذر إن ده غلط المصنع و إن إحنا متكفلين بالشرط الجزائى
اللى هما دفعوه للتجار دا طبعا غير شرطنا .

- محمد : إن شاء الله ... أول حاجة هأعملها لما أروح المصنع .

- أصلان : أسامة تتمم على العمال وعلى الطلبية قبل ما تطلع من المصنع
و على خط سيرها وسلامتها لحد ما توصل .

- أسامة : تمام .

- أصلان : أنا كمان هنزل أباشر الدنيا بنفسى لإن شكل الدنيا مبتتظبتش
إلا أما أنزل بنفسى .

- الجد : خير ما عملت يابنى.... و حاول تهدى نفسك .

- أصلان : أنا مش هأهدى إلا لما الطلبية توصل ليهم .. وترجع سمعتنا
اللى اتمرمغت فى السوق بسبب التهريج اللى حاصل ده و ....

- قطع كلامه رؤيته لزهرة تضع أمام مكانه على السفرة أطباقا معينة ...
لم تكن وضعت كل اﻷطباق إلا و ثارت ثائرته ثانية ... وكأنما يلومها
على ما حدث بعمله وإهماله له .

- أصلان بأهتياج :
بتعملى إيه عندك ؟؟

تفاجأت زهرة من أهتياجه و صراخه بها بهذا الشكل أمام أهل المنزل
جميعهم ولم تتحدث من مفاجأتها .. وقد أسرعت نعمة بالرد بدلا منها حتى
لا يطولها غضبه .

- نعمة : بتحط الأكل يابنى ... يعنى بتعمل إيه .

- أصلان : معلش يا أما أنا بكلمها هي ... وقام من مكانه مسرعا وأمسكها
من ذراعيها بشدة آلمتها... وقام بهزها بعنف ... وصاح بها :
- أصلان : أنا مش بكلمك ... مبترديش ليه ؟

- لم تستطع زهرة الرد بل أدمعت عيناها من معاملته لها بهذا الشكل
أمام الكل ... وقد أسرع الجد و نعمة بفصله عنها إلا أنه لم يتزحزح
وأشتد ضغطه أكثر على ذراعيها ، قائلا بصراخ :
- أصلان : هو أنا عيل بكلمك .... ماتردى.... إيه مبتسمعيش ؟
- الجد ، الذى مازال يحاول إبعاده عنها :
أصلان أنت أتجننت.

- نعمة ، التى تحاول فصله عنها مع الجد :
سيبها يابنى حرام عليك .

- كل ذلك و هى مصدومة منه لا تنظر لعيناه بل لنقطة بعيدة فى الفراغ ..
حتى إنها لم تحاول إبعاده عنها ... تركتهم يجذبوها من كل إتجاه و كأنها
دمية يحركوها فيما بينهم ... لا يعبر عن صدمتها و حزنها إلا دموعها
التى لم تتأخر بالنزول ... وقد جعلت الصور أمامها غير واضحة وكأنها
خيالات لأشخاص بعيدين عنها .

- أصلان بصراخ :
قولتلكوا محدش يتدخل .... أنا عاوز أعرف أنا مش قولتلك ملكيش
دعوة بأى حاجة تخص البيت أو تخصنى أنا كمان .... أنتى إيه يا
شيخة مبتسمعيش الكلام ليه ... لولا إنهم قالوا إنك متعلمة
كنت أفتكرت أن أنتى مبتفهميش .

- الجد الذى سأم من تجاهل أصلان له صاح حانقا :
كفاية يابنى .... يعنى أنا مليش كلمة عليك .

- أصلان وهو يتجاهل كلام جده للمرة التى لا يعرف عددها وعيناه مسلطة
على تلك التى لاتبدى أى رد فعل وهو مستمر بهزها :
أنتى هنا ضيفة وبس وكمان ضيفة مش مقبولة ... يعنى كام يوم
الظروف تهدى و نروحك ... واستحالة تكونى هنا أى حاجة .. فاهمة .

- صراخه : أوقف دموعها ... أوقف حركة الجد ... أوقف حركة نعمة ...
جعل الصمت يسود البيت بأكمله.

فقد حدث ما حدث و أهانها أمام الجميع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-