روايات حديثة

رواية الداغر الحلقة الثامنه

الحلقة 8 . جنون
يجلس بمكتبه يستشيط غضباً و غيظاً مما يحدث من حوله ... يشعر بالامور تخرج عن السيطرة ... يخسر شحنة تلو الاخرى و مازالت بطاقته المحروقة مفقودة .... تأفف بضيق قبل ان يسمع طرق على الباب ليسمح للطارق بالدخول

ظافر : ادخل يا نضال

دلف الطارق الى الداخل ليطالعه الآخر بتعجب عاقداً حاجبيه بإهتمام

ظافر : عمر ؟؟؟ انت بتعمل ايه هنا و فين نضال ؟

عمر : نضال سافر اسكندرية عشان اخوه .... فيه مستشفى كلمته و قالوله انه عمل حادثة و بلغوه ان لازم يجي ... ده قالى انه بلغ حضرتك

ظافر بتذكر : اه اه قالى .... ثم تأفف بضيق .... بس هو ده وقته

ظل عمر على وقفته ينتظر اى اوامر من سيده و بداخله حقد شديد اتجاهه فها هو عديم الاحساس و المشاعر يتأفف من تلبية نضال لنداء اخيه .... استيقظ على صوت ظافر قائلاً

ظافر : مفيش اي اخبار عن تاج ؟؟؟ الظاهر ان الباشا خلع عشان ميخدش اللى فيه النصيب .... انتو ايه حكايتكو ... حتة عيلة مش عارفين توصلولها

عمر : ياباشا احنا مش ساكتين و عنينا فى كل حتة و ........

ظافر مقاطعاً : و ايه ؟؟؟ كفاية رغي كتير ......ثم اردف بتركيز ...... و اللى اسمه داغر ده مفيش اخبار عنه

عمر : اخر حاجة كانت لما بلغته بعلاقة الهانم بتامر بيه ... بعد كده حصل موضوع الخطف و اديه مستنى جزا عن تقصيره

ظافر بشماتة : احسن خليه يتربي و يتلهى عننا بأي حاجة ..... على العموم عايزك تبلغ نضال ميسوقش فيها و يطول هناك .... الشغل هنا محتاجه ... يلا روح شوف شغلك

اومأ عمر بصمت ومن ثم تحرك مغادراً الغرفة مغلقاً الباب خلفه هامساً بكره

عمر : حسبي الله و نعم الوكيل ..... انت ايه يا اخي شيطان .... لولا الحوجة بس مكنتش ذليت نفسي لشخص حقير زيك ..... توب علينا ياااارب

يوم جديد بأحداث فارقة .... تململ على فراشه .. يفتح عيناه الناعسة ببطئ .... مد يده يمسك بهاتفه ليتفحص الساعة فيجد انه حان وقت الاستيقاظ .... تنهد بتعب لينهض جالساً على الفراش ومن ثم تحرك للاستعداد للخروج

بعد انتهائه من ارتداء ملابسه خرج من حجرته متجهاً الى غرفة المعيشة حيث تتواجد والدته تعد الافطار وحدها

عقد حاجبيه بتساؤل

داغر : صباح الخير يا امي

حنان بإبتسامة : صباح الخير يا حبيبي ... يلا الفطار جاهز

اومأ بهدوء ليردف

داغر : امال تاج فين ؟

حنان : نايمة يا حبيبتي ... امبارح حاسة بيها طول الليل قلقانة .. مش عارفة مالها

حاول تجاهل الامر ليردف مغيراً الموضوع

داغر : بالمناسبة يا امي انا جالى اوامر بنقلي لاسكندرية

حنان بقلق : اسكندرية ؟؟؟ خير يا ابني ايه اللى حصل و ليه فجأة كده ؟

تنهد بعمق

داغر : بسبب قضية تاج و حكاية خطفها ...... لولا ان رئيسي عارف شغلى و اجتهادي فيه كنت زمانى اتنقلت للصعيد و لا على الحدود ... كتر خيره خلاها اسكندرية بس ..... فى نظرى كده احسن على الاقل مش هنبقى خايفين احسن حد يشوفها او يتعرف عليها ... هناك متعرفش حد و محدش هيتوقع وجودها برة القاهرة ... و كمان نبقى مع ريم

حنان : ربنا ييسرلك حالك و يهديك يا ابني

داغر : امين يارب

انتهى من تناول طعامه ليتحرك متوجهاً نحوها يقبل رأسها بحنو ومن ثم اتجه للخارج الى عمل

ظلت تنظر بإثره للحظات حتى تذكرت امراً ما لتتناول الهاتف و تجري اتصالاً

انتصف النهار لتستيقظ هى من نومها الطويل .... سمعت صوت رجولي بالخارج..... لتقطب جبينها بإستغراب فهى تعلم ان اليوم ليس بعطلة بالنسبة لداغر و غير مسموح لأياً كان بالقدوم الى المنزل

عدلت من هيئتها المشعثة ومن ثم اتجهت الى خارج حجرتها

توجهت نحو مصدر الصوت لتصل الى غرفة المعيشة فتجد كلاً من حنان و رامي يتسامرون بمرح و أُلفة غير منتبهين لوجوها .... هتفت دون تفكير

تاج بدهشة : رامي ؟؟؟؟؟؟

التفت نحوها سريعاً بإبتسامة واسعة لينهض مقترباً منها فى حين كانت هى تلتفت حولها بقلق و خوف

رامي بمرح : و اخيراً البرينسيس صحت ..... فينك يا ستي ده انا قربت اخلل و انا قاعد مستنيكي

تاج بقلق و خوف : انت بتعمل ايه هنا ؟ داغر لو عرف هيضايق ويزعل جامد

هنا تدخلت حنان مدافعة

حنان : داغر ملوش دعوة ده بيتي انا و رامي ابني زي ما داغر كمان ابني .... احنا يومين و مسافرين و كان لازم يجي و اشبع منه

تاج بقلق : بس آ........

ابتسم بإتساع ليمسك بكفيها ساحباً اياها للجلوس بجانبه

رامي : يا ستي فكك بقى و خلينا فى المهم ...... ايه اخبارك و عاملة ايه مع ابن خالتي المعقد ده ؟

همت بالاجابة لكن قاطعها صوت حنان

حنان : طب اسيبكم انا بقى و اقوم احضر الاكل .... ولا يا رامي جهز نفسك .... عملالك السمك اللي بتحبه

رامي بمرح : حبيبتى و ربنا يا خالتى

ومن ثم تركتهم متجهة الى المطبخ ...... جلسا يتحدثان فى امور عدة انستها تماماً تحذيرات داغر لها بخصوص تعاملها مع رامي او رؤيتها له

بإحدى المستشفيات الخاصة بالأسكندرية

انهى الامور المالية الخاصة بأخيه ليتجه بعدها نحو غرفته و قبل ان يدلف الى الداخل و جد فتاة تخرج من الغرفة .. من هيأتها ادرك كونها طبيبة بالمشفى ليوقفها قائلاً

نضال : حضرتك الدكتورة اللي متابعة حالة اخويا

نظرت نحوه بجمود تطالعه من رأسه الى اخمص قدميه .. ترفع حاجبيها بإعجاب ومن ثم ارتسمت ابتسامة ملتوية على ثغرها و اخذت تعدل من ملابسها القصيرة و التى تكشف اكثر مما تخفى بما لا يليق اطلاقاً بطبيبة

الطبيبة : ايوة انا ..... ثم مدت كفها نحوه ... رانيا الحناوي

فهم نظراتها المتفحصة و غرضها منها ليبتسم بسخرية و لهو ومن ثم مد كفه ملتقطاً كفها بود

نضال برسمية : و انا نضال ... اخو المريض

اومأت بهدوء .. تنظر نحوه ليكمل حديثه بنبرة فهمت هى معناها

نضال : بيتهيألى اننا محتاجين نتكلم شوية ... ممكن ؟

رانيا بإبتسامة لعوب : اكيييييد .... اتفضل معايا ... على اوضتى

ومن ثم تحركت لتسير امامه بخطوات مائعة لا تمت بأي صلة لطبيبة محترمة ذو خلق راقي .. ليتبعها هو مدققاً النظر بمفاتن جسدها الواضحة مدركاً انه و بالتأكيد سيحصل اليوم على بعض المتعة بشكل او بآخر

انتهى اليوم لينتهى دوامه معه فيتحرك سريعاً متجهاً الى المنزل و بداخله شوق لشيء ما او ربما ... لشخص ما ... تنهد بتعب فور استقلاله لسيارته .... افتقد رؤيتها طوال اليوم ... حرمته هذا الصباح من جرعته اليومية برؤيته لها على الفطور ... مسح على وجهه بضيق ومن ثم تحرك بسيارته متجهاً نحو المنزل

بعد فترة نجده قد وصل الى المنزل ... دلف الى الداخل ليتسمر مكانه امام مشهد جعل الدم يغلى بأوردته ....... رامي بمنزله ....... حسناً هذا سبب كافي للتسبب بغضبه و ثورته ... لكن رؤيته لرامي يحتضن تاج بكلتا يديه و كونهم بوضع حميمي بحت بغياب والدته عن المشهد فهو الامر الذي يجعله يود حرقه حياً و ربما سيحرقها هي الاخرى معه لمخالفتها اوامره .... صرخ بصوت جهورى

داغر : رااااامي


انتفض الاثنان اثر صوته ليعتدلا سريعاً من وقفتهم والتى ما كانت سوى نتاج انقاذ رامي لتاج من السقوط ارضاً بعد تعثرها بشيء ما

نظر رامي نحوه و قد توجس خشية اى رد فعل قد يصدر منه لذا سبقه بالحديث مبرراً ذلك المشهد فما يراه من ملامح غاضبة ثائرة قد فاقت كل توقعاته

رامي بقلق : ورحمة ابويا انت فاهم غلط .. دي كانت آ............

داغر مقاطعاً بصوت جليدي : برة

رامي بحدة : داغر اسمع اللى هقوله ... دي هتبقى تاني مرة تطردني فيها من غير ما تسمع

داغر متجاهلاً حديثه : بررررة

هرولت حنان نحوهم اثر صوت صراخه لتجد تاج منهارة من البكاء فى حين كان رامي قلقاً و بالنظر الى ملامح داغر الغاضبة ادركت سبب قلق الاول

حنان : مالكم يا ولاد ايه حصل ؟؟؟ فى ايه يا داغر يا ابني ؟ وتاج بتعيط ليه

رامي : ياخالتى ............

قاطع حديثه توجه داغر نحوه يمسكه من مقدمة ملابسه ساحباً اياه نحو باب المنزل ومن ثم ألقى به الى الخارج وسط صراخ والدته و علو شهقات تاج القابعة بمكانها دون حراك

حنان بصراخ : داغر ايه اللى بتعمله مع ابن خالتك ده انت اتجننت

رامي : بلاش جنان يا داغر .. محصلش حاجة لكل ده انت.......

داغر مقاطعاً : رجلك متعتبش البيت ده تاني ... احمد ربنا انى اكتفيت بطردك بس و ممدتش ايدى عليك .... و كمان اعتبر ان اللى بينا انتهي

ومن ثم لم يلقى بالاً لما كان رامي على وشك قوله و اغلق الباب بقوة ارتعد جسد حنان و تاج على اثرها

تحرك نحو الداخل مرة اخرى الى تاج تتبعه والدته ليجدها مازالت تبكى بإنهيار ... تقدم خطوة اتجاهها لتسارع حنان بإحتضانها كوسيلة لحمايتها من بطش ابنها فى حين كانت عيناه تشتعل غضباً و غيظاً و انفاسه الساخنة يُسمع صوتها بأرجاء الغرفة

حنان بغضب : اياك تفكر تقرب منها .... اعقل و فوق لنفسك انت جرالك ايه ؟

داغر بغضب مكتوم : أمي ... من فضلك متتدخليش فى الموضوع ده

زادت شهقات تاج اثر سماعها لصوته الغاضب لتشد حنان من احتضانها هاتفة بغضب

حنان : هيكون حصل ايه ... عشان رامي جه هنا يعنى ... دي مش حاجة تستاهل اللى بتعمله ده و انك تخسر صاحبك و اخوك ... و بعدين انا اللى كلمته يجي

كان على وشك اخبارها بما رآه لكن شيء ما اوقفه عن الحديث ...جز على اسنانه بغيظ ومن ثم تحرك نحوهم يسحبها من ذراعها بقوة لتخرج من احضان حنان و ترتطم بصدره

همت حنان بالحديث و الاعتراض لكن اشارة منه نحوها يطالبها بالصمت لتمتثل لأمره بصمت و قلق... ومن ثم تحرك ساحباً اياها وراءه الى غرفته .... دلف الى الداخل مغلقاً الباب خلفه ليترك ذراعها فجأة ومازالت هى على وضعيتها دون تغيير ... ليحدق بها هدوء .. نظراته مازالت حادة حتى بعد رؤيته لها منهارة من البكاء .... حاول استدعاء بعضاً من هدوءه ليردف بصوت جامد

داغر بهدوء مخيف : انا قولت ايه ؟

زاد بكاءها حتى صار التنفس بطبيعة امر شاقاً عليها لتبدأ بالتنفس بصعوبة لاحظها هو ليهتف بها بصراخ

داغر : كفاية عياط و سهوكة ....... اقسم برب العزة إن ما بطلتيش عياط لهخلي يومك يبقى اسود من شعر راسك .... بطلى زفت عياط

كتمت شهقاتها بداخلها محاولة التوقف عن البكاء لكن الامر حقاً ليس بإرادتها فكلما استمعت الى صوته الغاضب او نظرت لملامحه الساخطة تجد نفسها لاشعورياً تبدأ بالنحيب

هدأت قليلاً بعد محاولات عدة ليذفر هو بضيق مكتفاً ذراعه امام صدره

داغر : ها .... ممكن اعرف بقى ايه اللى بينك و بين رامي ؟

نظرت نحوه بدهشة و ذعر من مدي تفكيره و الى ما اوصله ....... علاقة ؟ بينها و بين رامي ؟

تاج بتقطع و ضعف : و الله العظيم انـ.........

داغر مقاطعاً : من غير حلفان .... هتنطقى و تقولى الحقيقة عشان لو حصل و اتهفيتي فى عقلك و كدبتي .. هعرف ... و ساعتها بجد مش هرحمك

شرعت بالبكاء مرة اخرى لتهتف وسط شهقاتها

تاج : مفيش بينا حاجة .... هو ... هو ماما عزمته و قالت انه لازم يجي طالما مسافرين و... وكده ... و بعدين انا مكنتش عارفة انه جي .. والله ما كنت اعرف

داغر : طب هو اتنيل و جه ... ليه انتى تقعدي معاه انا مش قلت ملكيش دعوة بيه

تاج : لييييه اشمعنى انا ... هو مش وحش ومش هيقول لحد عن مكانى و لا هيأذيني يبقى ليه متكلمش معاه

داغر بصراخ : عشان انا قولت كده

تاج بطفولية : ليه بتتحكم فيا بالشكل ده ... انا ممكن اكون ضعيفة ومحتجالك ومقدرش استغنى عنك ... بس ده مش معناه انك تتحكم فيا ... انا انسانة و بزعل و بزهق .... ليه دايماً بتزعقلي و تضايقنى منك ... انا مش ببقى عايزة ازعلك او اعصبك بس غصب عنى .. لكن انت دايماً بتزعلنى و بتبقى قاصد ده ... ليه .. ليه مش بتحبنى .. ليه بتكرهني .. انا عملتلك ايـ...........

اقترب نحوها فجأة بخطوات واسعة ليمد كفه خلف رقبتها ساحباً اياها نحوه ... يبتلع باقى حديثها بقبلة !!!! ............ قبلة شعر انه سيصاب بالجنون ان لم يحصل عليها ... تقدمه منها كان دون وعي ... فقط اراد اسكاتها بأية طريقة و قد كانت هى حله الوحيد ......" يكرهها " ..... فور نطقها لتلك الكلمة شعر بسكين يغرس بقلبه .... هو يكرهها ؟؟؟؟

غبية ... لا تدرك ان سبب حزنه و غضبه منها هو عدم كرهه لها ...... لذا كان لابد من اسكاتها بتلك الطريقة لإثبات سوء ظنها

ان كانت قبلته حدثت دون وعى فتعمقه بها كانت الجنون ذاته ... بل و مبادلتها له بإستجابتها البريئة الغير خبيرة كانت القشة التى كسرت ظهر البعير

لم يعد يستطيع التوقف ... تذوق شهدها حتى صار ادمان .... صار مخدره المفضل ليتعمق اكثر و اكثر ماداً يداه لتتجول على أنحاء جسدها بعشوائية .... ظلا هكذا للحظات حتى شعر بومضات صغيرة اشتعلت برأسه لتعود به الى ارض الواقع و يدرك فداحة فعلته فيبتعد عنها فجأة كمن لسعته افعى فى حين ظلت هى تحدق به بوله و ضياع

حدق بها بدهشة و خوف .... خوف يشعر به لأول مرة ... خوف .. لا من اى شيء سوي نفسه هو ....... حاول تهدئة انفاسه اللاهثة ليردف بقوة مصطنعة محاولاً احتواء الموقف

داغر بقسوة : قربك من اى راجل ده اللى هيكون نتيجته .... هيستغل ضعفك و براءتك فى صالحه و ياخد اللى هو عايزه ... واللى حصل دلوقتى كان مثال حبيت اوريهولك عشان تفهمي ان الحياة مش وردية و الناس مش ملايكة زي ما انتى فاكرة .... اللى حصل دلوقتى كان ...... ثم اردف بصوت اجش .... كان غلطة ...... غلطة هتقعى فيها لو سمحتى لاى حد و السلام انه يقرب منك

ألقى بكلامه ذاك و من ثم تحرك فوراً مغادراً الغرفة فى حين انهارت هى ارضاً بمكانها تتلمس شفتاها بأناملها و عقلها لم يستوعب اياً مما قاله ... فقط قبلته و شعورها وقتها هو كل ما يشغل تفكيرها .. هذا و ان كانت تستطيع التفكير حقاً بعد ما حدث

...........

يتبع............

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-